A report on the draft proposed amendments to the Labor Law
A report on the draft proposed amendments to the Labor Law
بيت العمال للدراسات والأبحاث 9 كانون أول 2019
يفترض في أي توجه لإجراء تعديلات على قانون العمل أن يراعي القواعد الأساسية لحقوق العمل التي ضمنها الدستور الأردني والشرعة الدولية ومعايير العمل الدولية التي التزم بها الأردن واتفاقيات العمل الدولية التي انضم إليها، وبشكل خاص المعايير الأساسية المتمثلة في ضمان توفير شروط العمل اللائق لجميع العمال، والقضاء على التمييز في الإستخدام والمهنة، والقضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الإلزامي؛ والقضاء الفعلي على عمل الأطفال؛ وضمان الحرية النقابية والإقرار الفعلي بحق المفاوضة الجماعية، وعلى أن يبنى هذا التوجه على حوار مسبق ومباشر بين أطراف الإنتاج وفي اللجنة الثلاثية لشؤون العمل كما أوجب قانون العمل، وهو أمر لم يتم في هذه التعديلات، مما شكل خللا واضحا في الصياغات المقترحة، لا يضمن تحقيق التوازن في المصالح بين الأطراف المعنية.
نطاق شمول القانون
كان من الضروري أن تتضمن مسودة التعديلات معالجة الإختلالات الرئيسية التي لا تحتمل الإنتظار في قانون العمل، وبشكل خاص ضرورة النص صراحة على شمول كافة فئات العمال بأحكام القانون بغض النظر عن صدور أو عدم صدور أنظمة خاصة ببعضهم، مثل عمال المنازل وعمال الزراعة، حيث ما زال عمال الزراعة محرومون من حمايات قانون العمل بصورة تخالف أبسط معايير حقوق الإنسان ومعايير العمل الدولية، نتيجة التوجه القضائي بتفسير نص المادة الثالثة من القانون القاضي بعدم شمول عمال الزراعة بقانون العمل إلا بعد صدور النظام الخاص بهم، والذي أوجب القانون صدوره ولم يصدر لغاية الآن، الأمر الذي حرم عمال الزراعة من الشمول بالضمان الإجتماعي أيضا، حيث يشكل عدم شمول عمال الزراعة بقانوني العمل والضمان تمييزا واضحا ضدهم ويعرضهم لإنتهاكات صارخة لحقوقهم، كما يدفع الأردنيين إلى تجنب العمل في القطاع الزراعي.
وبالإضافة إلى عمال الزراعة هناك فئات من العمال غير الأردنيين المقيمين في المملكة اقتضت ظروفهم أن يقيموا في المملكة إقامة دائمة، ولم يحضروا إليها بهدف العمل، الأمر الذي يوجب شمولهم بحق العمل دون أي قيود ومساواتهم بالأردنيين في ذلك، وهم أبناء الأردنيات وحملة جوازات السفر المؤقتة وأبناء قطاع غزة.
ونظرا لكون العاملين في القطاع غير المنظم يشكلون حسب بعض الدراسات ما يقرب من 45% من العاملين في سوق العمل يفتقد الكثير منهم إلى معظم الحمايات القانونية، فإن من الضروري وضع أحكام خاصة تضمن شمولهم بالحمايات القانونية وتساهم في انتقالهم إلى العمل المنظم.
الأحكام المستحدثة
لقد شابت التعديلات التي صدرت في أيار الماضي بموجب القانون المعدل رقم 14 لسنة 2019 عدد من الإختلالات في صياغة نصوصها أفقدتها فعاليتها، وهي تحتاج إلى معالجة تحقق الهدف والغاية من وجودها، وبشكل خاص التعريفات التي أضيفت إلى القانون، كتعريف العمل المرن وتعريف العمل الجزئي وتعريف التمييز في الأجور، يضاف إلى ذلك القصور الواضح في القانون نتيجة عدم النص على موضوع التمييز في العمل وفقاً لإتفاقيات العمل الدولية التي صادق عليها الأردن منذ الستينات، والتي توجب معالجة قضايا التمييز في العمل من كافة جوانبه وليس فقط التمييز في الأجور بين الجنسين، ومن ذلك التمييز في التعيين وإجراءاته وظروف وبيئة العمل وشروطه وفرص التدريب والترقي والإمتيازات بأشكالها، وتحديد إجراءات لحظرها ومعاقبة مرتكبها.
التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية
كان يجب أن تتضمن التعديلات المقترحة مراجعة للأحكام الخاصة بالنقابات العمالية وفقا للمعايير الدولية، ومن ذلك معالجة الإختلالات التي تضمنتها التعديلات التي أقرت مؤخراً في القانون المعدل رقم 14 لسنة 2019، والتي لاقت انتقاداً من المنظمات الدولية وخاصة منظمة العمل الدولية نظرا لما تمثله من تراجع عن إلتزامات الأردن في هذا الصدد بحكم عضويته في هذه المنظمة ودستورها واتفاقياتها التي انضم إليها، وبشكل خاص التعديلات التي أجازت للحكومة أن تتدخل في إعداد الأنظمة الداخلية للنقابات وأن تحل هيئاتها الإدارية وتعين هيئات مؤقتة بدلاً منها، وأن تصنف الأعمال والصناعات لغايات تأسيس النقابات ونقابات أصحاب العمل دون التشاور مع ممثلي أصحاب العمل والعمال.
كما يفترض في مسودة التعديلات بدلا من فرض الغرامات على كل من صاحب العمل والنقابة في حال عدم إمتثال أي منهما بالسير بمراحل تسوية النزاع المحددة في القانون أن تفتح الباب أمامهما للإتفاق على السير بإجراءات حل النزاع بوسائل أخرى كالوساطة والتحكيم، لا أن يبقى طرفا النزاع مقيدان بوسيلة حل النزاع التي ينص عليها القانون حاليا والقائمة على مسار واحد فقط وهو (مندوب التوفيق ثم مجلس التوفيق ثم المحكمة العمالية).
تشغيل الأردنيين
تنطوي صياغة التعديلات المقترحة في المواد ذات العلاقة بتشغيل الأردنيين على توجهات تتعامل مع عنصر العمل وتشغيل القوى العاملة بمنظور إقتصادي بحت دون الإلتفات إلى الإعتبارات الإجتماعية والإنسانية ومتطلبات الأمن المجتمعي، حيث أن إلغاء النص الصريح على صلاحيات مديريات التشغيل التابعة لوزارة العمل في أداء مهام التوسط في التشغيل وتسهيل التشغيل في المادة 11 من القانون يوحي "بقصد أو بغير قصد" بتوجه لتقليص الدور الحكومي في خدمات التشغيل وكفالة العمل وحمايته التي نص عليها الدستور، والإكتفاء بتنظيم سوق العمل، والإنسحاب من تقديم خدمات التشغيل التي تعتبر من الأدوار الرئيسية للحكومات والتي أكدت عليها معايير العمل الدولية ومنها إتفاقية العمل الدولية رقم (88) الخاصة بإدارات التوظيف والتي أوجبت أن تكفل الدولة قيام إدارة توظيف عامة مجانية تعمل على مساعدة العمال في العثور على عمل مناسب ومساعدة أصحاب العمل في العثور على العمال المناسبين، إضافة إلى تنظيم دور وكالات الإستخدام الخاصة.
كما تم إضافة نص جديد حول ترخيص "شركات التعهيد" من وزارة العمل، والتعهيد Outsourcing هو أن تعهد شركة أو مؤسسة لجهة خارجية متخصصة (شركة التعهيد) بأداء بعض من أعمالها بالنيابة عنها، والتعاقد مع العمال الذين تحتاجهم لهذه المهمة، بحيث يكون العمال تابعين لشركة التعهيد وليس للشركة المستفيدة من الخدمة، وعلى هذا الأساس فإن شركة التعهيد لا تعتبر من الجهات التي تقدم خدمات التشغيل للعمال كوسيط، كما هو حال مكاتب التشغيل الخاصة، بل تعتبر صاحبة عمل بالنسبة للعمال، وبالتالي فهي شركات ترخص كأي شركة أخرى بموجب قانون الشركات، وليس بموجب قانون العمل، إلا إذا كان الهدف من ترخيصها من وزارة العمل تشجيع هذا النوع من الإستخدام الذي يتنامى بشكل مضطرد في الدول المستقبلة للعمالة الوافدة بكثافة، بهدف تخفيف الأعباء الإدارية للشركات وشؤون العاملين فيها وزيادة الإنتاجية، رغم السلبيات التي يمثلها ذلك بالنسبة للعمال نتيجة انعدام الأمن الوظيفي، والضغط على رواتبهم وحقوقهم وتعرضهم للإستغلال وسهولة التهرب من الإلتزامات القانونية تجاههم، كما يشكل ذلك في كثير من الأحيان وسيلة للتحكم وللسيطرة غير المباشرة على سوق العمل والعمالة في بعض القطاعات واحتكار التشغيل فيها، ويعيق حق التعاقد المباشر مع الجهة المشغلة.
توجهات من هذا النوع تمثل تحولاً جديداً يتطلب حواراً اجتماعياً يأخذ بعين الإعتبار الآثار الإقتصادية والإجتماعية التي ستنجم عنه، ويراعي المصالح الوطنية واعتبارات العدالة الإجتماعية، فالقانون وحده ليس الوسيلة لمعالجة الظواهر الإقتصادية والإجتماعية وإشكالياتها.
من ناحية أخرى تتضمن التعديلات صلاحيات منفردة لوزير العمل لتعيين ملحقين عماليين في الخارج من خلال تعليمات يصدرها هو لهذه الغاية، والأصل أن تبقى صلاحية تعيين الملحقين العماليين لمجلس الوزراء وبموجب نظام الخدمة المدنية ونظام السلك الدبلوماسي، يضاف إلى ذلك أن التعديلات تنص على تخصيص حصة من رسوم تصاريح العمل تنفقها وزارة العمل على (الإستعانة بالخبراء وأصحاب الكفاءة)، وهو ما يمكن أن يكون مدعاة للمحسوبية وهدر المال العام.
المرأة العاملة
رغم الإنخفاض الكبير في نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة بين النساء، لم يرد في التعديلات المقترحة أي نصوص تساهم في تحفيز تشغيل المرأة وتوفير بيئة عمل صديقة لها ومرافق وخدمات ملائمة في مختلف قطاعات العمل ومواقع العمل، ومساعدتها في التصدي للصعوبات التي تواجهها في تحقيق التوازن بين العمل والأعباء العائلية، وفرض شروط العمل اللائق والمساواة في العمل وفي فرص التدريب والترقي، وما يتطلبه ذلك من ضرورة مراجعة النص الخاص بالأوقات والأعمال المحظور تشغيل المرأة فيها والذي تشوبة شبهة التمييز ضدها وتقييد حقها في الحصول على فرص العمل المناسبة، كما افتقدت التعديلات إلى النصوص القانونية اللازمة للوقاية والحد من التحرش في مواقع العمل، وتعزيز وسائل الحماية لحقوقها العمالية.
تنظيم سوق العمل والعمالة الوافدة
يبدو أن هذا الموضوع يشكل الهدف الرئيسي من التعديلات المقترحة، حيث تتطلع الحكومة من خلالها إلى ضبط عملية استقدام العمالة الوافدة وشروطها وتقييد استخدام العمالة الوافدة في المهن التي يقبل عليها الأردنيون، وتشديد العقوبات على المخالفين، بما يشمل إجراءات أكثر حزما بحق العمال الوافدين المخالفين، وفي هذا الصدد نؤكد بأن مشكلة سوق العمل وتنظيمه تكمن بشكل أكبر في ضعف العلاقة بين القطاعين العام والخاص في تأهيل العمالة الأردنية اللازمة والمدربة والكافية لسد احتياجات القطاع الخاص منها، وكذلك في عدم ملائمة ظروف العمل وانخفاض الأجور وطول ساعات العمل وعدم توفر شروط العمل اللائق فيها للذكور والإناث على السواء وفق متطلبات القانون والمعايير الدولية في عدد من القطاعات والأعمال، الأمر الذي يؤدي إلى إحجام الأردنيين عن التوجه للعمل فيها، وبناءً على ذلك فكان من الأولى التوجه نحو تعديلات تعالج هذه الإختلالات وتوفر حماية العمال الأردنيين وغير الأردنيين على السواء وتضمن عدم استغلالهم في العمل بصورة تضطر العامل الوافد للقبول بالإستغلال لضعف الخيارات المتاحة أمامه، وتضطر العامل الأردني للإحجام عن العمل وتفضيل البقاء في صفوف البطالة.
ولم يرد في التعديلات معالجة قانونية لما سمي بتصريح عامل المياومة (تصريح العمل الحر) والذي يسمح للعامل الوافد أن يعمل متنقلاً من صاحب عمل إلى آخر، دون أن يرتبط بصاحب عمل محدد، وهو وضع لا يسنده نص قانوني صريح في قانون العمل، فالقانون يشترط أن تكون هناك علاقة عقدية بين صاحب العمل والعامل لهذه الغاية، وهو أمر لا يتوفر في تصريح العمل الحر الذي يفتقد إلى وجود صاحب عمل أو أي علاقة عقدية للعامل مع صاحب عمل، ويترتب على ذلك أن إصدار تصريح العمل بهذه الصورة واستيفاء الرسوم عنه من العامل يتطلب نصوصا قانونية خاصة تنظم ذلك وتحدد الصفة التعاقدية للعامل في علاقته بمن يعمل لديهم، وفيما إذا كانت العلاقة علاقة عمل تنطبق عليها أحكام قانون العمل، أم علاقة مقاولة بصفته يعمل لحسابه الخاص، وتوضح الحقوق والإلتزامات المترتبة بين الطرفين، وتعالج الآثار المترتبة على هذا النوع من تصاريح العمل، ومن ذلك موضوع شمول العامل بالضمان الإجتماعي، وتحديد المسؤولية في حالة تعرضه لإصابة عمل.
وتضمنت التعديلات إلغاءً للنص الصريح الذي يفيد بأن رسوم تصريح العمل تستوفى من صاحب العمل، الأمر الذي يفتح الباب أمام استغلال العمال وتحميلهم رسوم تصاريح العمل، وتكريسا للمخالفات التي تتم بهذا الشأن لتصبح ممارسات غير مخالفة للقانون، يضاف إلى ذلك أن مسودة التعديلات تنص على أن يتم تسفير العامل في حالة (عدم قيامه بتجديد تصريح عمله) رغم أن تجديد تصريح العمل هو من مهام وصلاحيات صاحب العمل وليس العامل.
كما تنص على إعفاء صاحب العمل من العقوبة الخاصة بمخالفات استخدام العمالة الوافدة إذا كان قد قدم للوزارة تبليغا عن العامل (بالفرار)، ما يشكل منفذا قانونيا جديدا للإلتفاف على القانون ويزيد من حجم مشكلة استخدام العمالة بصورة مخالفة ويؤدي إلى فوضى في سوق العمل واستغلال العمالة الوافدة، خاصة وأن تبليغ (الفرار) يتم في كثير من الأحيان بصورة تخالف الواقع إما لغايات (السمسرة) أو بهدف استغلال العمالة بصور مختلفة، وفيه ظلم وتعسف بحق العامل دون دليل ثابت، مع الإشارة إلى أن استخدام عبارة (الفرار) في القانون لا يليق بسمعة الأردن في مجال حقوق الإنسان ويخالف أبسط مبادئه ويوحي بتعامل غير إنساني مع العمالة الوافدة.