ارتفاع أعداد المتعطلين يضع وزارة العمل أمام تحدٍ صعب
ارتفاع أعداد المتعطلين يضع وزارة العمل أمام تحدٍ صعب
16 Oct
16Oct
وضع ارتفاع عدد المتعطلين عن العمل، والذي قد يصل حتى نهاية العام الحالي الى 623 ألف متعطل، وزارة العمل ووزيرها الجديد الدكتور معن قطامين امام تحدٍ في التعامل مع هذا الملف، الذي وصفه خبراء بالصعب، ولم يتخد حتى الآن أي اجراءات للحد من ازدياد اعداد المتعطلين، الى أن جاءت جائحة كورونا، وعصفت مرة اخرى بهذا الملف، لترتفع نسبة البطالة الى 23% في الربع الثاني من العام الحالي، وفق دائرة الاحصاءات العامة
وتوقع مدير بيت العمال للدراسات، الامين العام الاسبق لوزارة العمل، حمادة ابو نجمة، ان الجائحة زادت عدد المتعطلين بحوالي 95 ألف متعطل عن ما قبل الجائحة، وان هنالك 33 ألفاً من المتوقع فقدانهم لوظائفهم ممن يعملون خارج المملكة، ومئة الف داخلين جدد الى سوق العمل سنويا قد يشتغل منهم 35 ألف شخص، متوقعا ان يكون هنالك فقدان وظائف وانهاء خدمات حتى نهاية العام الحالي لحوالي 80 ألفاً.
وقال ان اعداد المتعطلين كانت حتى نهاية حزيران الماضي 440 ألفاً، وهذه الاعداد في ازدياد مستمر ما لم تجد الحكومة الجديدة حلولاً ناجعة للحد او التخفيف من هذه الاعداد.
واكد ابو نجمة ان الاقتصاد الأردني يقف الآن أمام واقع وتحد جديد يتمثل في تراجع النشاط الاقتصادي في المملكة عام 2020 يقدر حسب البنك الدولي بحوالي (-5.8%)، الأمر الذي سيؤدي إلى احتمال فقدان آلاف من العاملين لوظائفهم، لا سيما العاملين في القطاع غير المنظم.
وبحسب ابو نجمة فان معدلات البطالة في السنوات الماضية تراوحت بين (11.9%) وهو أدنى مستوى لها عام 2014 وبين أعلى معدل وهو (15.3%) وسُجل عامي 2002 و2016، إلا أن خطورة المشكلة تكمن في القفزة غير المسبوقة عام 2017 حيث وصل معدل البطالة إلى (18.3%) وتوالى ارتفاعه ليصل في عام 2019 إلى (19.0%)، وفي الربع الأول من هذا العام 2020 سجل (19.3%)، (18.1% الذكور، 24.4% الإناث)، وهو معدل لا يعكس آثار أزمة الجائحة كونه يتعلق بالشهور الثلاثة الأولى من العام فقط، ولكنه يشير إلى أن أزمة البطالة كانت في تفاقم حتى قبل الجائحة، وأن برامج وسياسات الحد منها لم تفلح، حيث يعتبر معدلاً غير مسبوق في تاريخ المملكة.
ولفت ابو نجمة الى ان منظمة العمل الدولية توقعت ان يشهد العالم تقليصاً للوظائف لنحو 195 مليون وظيفة بدوام كامل، من بينها 5 ملايين وظيفة في الدول العربية في الأشهر الثلاثة المقبلة (النصف الثاني من العام 2020).
وتابع: «ان الدول العربية وأوروبا هي أكثر مناطق العالم التي ستتأثر اقتصاديا بسبب كورونا، وبحسب المنظمة الدولية فإن تداعيات الجائحة على القطاع الاقتصادي ستفوق سوءا الأزمة المالية 2008-2009».
وتوقع ابو نجمة ان فرض إجراءات الإغلاق الكامل أو الجزئي في بعض القطاعات، من المتوقع أن يكون قد تسبب في فقدان الآلاف من الوظائف في سوق العمل الأردني، بما سينعكس سلبا على مستويات حياة الأفراد والأسر، وأن يصل الدين العام لعام 2020 إلى حوالي (107.1%) من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى عجز الموازنة، وتراجع الاستثمارات، وديون الشركات والأفراد، وارتفاع نسبة الفقر والبطالة، وازدياد أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وغيرها من التحديات الداخلية، فضلاً عن الصعوبات والتحديات على المستوى الخارجي، إضافة إلى التحديات الأخرى المتمثلة في تأثر أجور شريحة واسعة من العاملين تقدر بما يقرب من نصف مليون عامل، وبالتالي عدم مقدرتهم على تأمين الاحتياجات الأساسية لهم ولأسرهم، والوفاء بالالتزامات المترتبة عليهم كالأقساط والقروض والإيجارات وغيرها.
واضاف انه وفي ضوء توقعات البنك الدولي أن يتراجع النمو الاقتصادي في الأردن لعام 2020 بمعدل (5.8%)، وحيث سجل الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات الإقتصادية عام 2018 (23,307) مليون دينار، ساهم في تحقيقه حوالي (862 ألف) عامل، وبالتالي فمن المتوقع عند تراجع الناتج المحلي الاجمالي بنسبة (5.8%) حسب توقعات البنك الدولي فقدان ما يقرب من (85 ألف) عامل وظائفهم في القطاع الخاص نتيجة هذه الأزمة، أما إذا تراجع النمو الاقتصادي بمعدل (10.0%) كما يتوقع بعض الخبراء في سيناريو أكثر تشاؤما فسيكون عدد العمال الذين سيفقدون وظائفهم حوالي (146 ألف) عامل.
ولفت ابو نجمة الى ان هنالك عوامل أخرى تؤثر على معدلات البطالة، وهي: أعداد الداخلون الجدد إلى سوق العمل، وأعداد المغتربين المسرحين من وظائفهم العائدين إلى الاردن من دول الخليج والدول الاخرى، وهيكلة القطاع العام.
وقال ان عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل يقدر سنويا بحوالي (100- 110 آلاف) سنوياً، أما بالنسبة لموظفي القطاع الحكومي فقد أشار تقرير إلى أن عددهم يقرب من (218 ألف) موظف وموظفة.
وبينت دراسة أجريت عام 2012 أن المعدل العام لعدد ساعات العمل المنتج لدى موظفي القطاع العام هو (4 ساعات) يومياً، مما يؤشر إلى وجود عدد كبير فائض عن الحاجة في القطاع الحكومي قبل جائحة كورونا، وقبل استخدام المنصات الإلكترونية، ما يعني إمكانية توجه الحكومة بطرق مختلفة إلى الاستغناء عن عدد كبير منهم، في ظل هيكلة خدمات وأعمال المؤسسات الحكومية واستخدام التكنولوجيا لتقديمها عن بعد مما سيقلل تدريجيا من الحاجة لجزء لا بأس به من الموظفين، وبأعداد قد تصل إلى ما بين (13 22 ألف) موظفاً.
أما بالنسبة للمغتربين من دول الخليج والدول الاخرى فيقدر عددهم بحوالي (786 ألف) مغترب موزعين على 70 دولة (ما يعادل 10% من المواطنين الأردنيين) منهم أكثر من 570 ألف مغترب في دول الخليج.
ويقدر عدد العاملين من مجموع المغتربين حوالي (329 ألف) عامل، (85 %) منهم يحملون الشهادة الجامعية الأولى فأكثر، 61% في السعودية، وبعض البيانات 40%، 14% في الإمارات، 12.5% في قطر، حيث يتوقع فقدان أكثر من 33 ألف عامل أردني في الخارج، بعضهم سيعود إلى وظيفته في المملكة، كونه كان في إجازة دون راتب، والبعض الآخر سينشئ مشروعه الخاص، والباقي سينضم إلى صفوف البطالة، وفي الغالب لن يستطيع سوق العمل المحلي استيعاب الكثير منهم في وظائف بأجر، نظرا لانخفاض مستويات الأجور السائدة بالمقارنة مع مستويات أجورهم في بلاد الاغتراب، ولطبيعة خبراتهم وتخصصاتهم مرتفعة المستوى، ويكمن الحل في تمكينهم من إنشاء مشاريع ريادية واستثمارات خاصة بهم، الأمر الذي يتطلب وضع برامج تحفيزية لهم ومنحهم التسهيلات والإعفاءات اللازمة.
وقال ابو نجمة انه من التوقعات أعلاه فان فئة العمال الذين سيفقدون وظائفهم جراء الجائحة سيكون لها الأثر الأكبر على ارتفاع معدلات البطالة مقارنة بالعوامل الأخرى، حيث يتوقع أن يكون معدل البطالة جراء هذا العامل حسب السيناريو الأول حوالي (24.0%)، وحسب السيناريو الثاني (27.6%).
وتوقع ابو نجمة زيادة معدلات البطالة (فقدان ما بين 85 و146 ألف وظيفة حتى نهاية العام)،وارتفاع ملموس في معدلات بطالة الشباب والداخلين الجدد إلى سوق العمل، نتيجة عدم قدرة الإقتصاد على توليد فرص عمل جديدة وتراجع الإستثمارات،واحتمال عودة أعداد من العاملين في الخارج الفاقدين لوظائفهم نتيجة الضغوطات الإقتصادية التي تعاني منها الدول التي يعملون بها، وخاصة الدول الخليجية.
واكد ان على الحكومة الجديدة تحفيز الإقتصاد ودعمه لزيادة الطلب على الأيدي العاملة باستخدام الأدوات المالية المتاحة وتخفيف عبء الديون والالتزامات المالية الأخرى كالرسوم والضرائب، وتخصيص حزمة برامج إنقاذ سخية تتضمن مساعدات فورية للشركات للحفاظ على فرص العمل، والتوسع في القروض التي تستهدف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإلغاء الشروط والقيود والإجراءات التي أدت مؤخرا إلى صعوبات في وصولها إلى الدعم الذي تحتاجه.
كما اكد ضرورة التركيز على القطاعات الأكثر تضررا، كشركات السياحة والسفر والمطاعم والصناعات التصديرية، وأن يكون الهدف الرئيسي للبرامج تفادي موجة متوقعة من الإنهيارات في المؤسسات المتضررة، ووضع الخطط اللازمة لإنقاذها، وذلك من خلال رصد الآثار المتوقعة لكل قطاع بالتعاون مع ممثليه وحصر الأضرار القائمة والمستقبلية، وتعزيز دور برامج دعم إنشاء المشاريع الريادية التي تستهدف فئة الشباب خاصة منهم الداخلين الجدد إلى سوق العمل ومن يفقدون وظائفهم نتيجة الجائحة، وتدعيم شبكة الحمايات الإجتماعية كالضمان الاجتماعي وشمول مختلف شرائح العمال غير الرسميين بتأميناته، وتخفيض قيمة اشتراكاته التي تعتبر من الأعلى عالميا وتدفع العمال وأصحاب العمل للتهرب من الشمول، ورفد صندوق التعطل بموارد إضافية لتمكينه من الوفاء بالتزاماته تجاه الأعداد المتوقعة ممن سيفقدون وظائفهم، وتوفير التأمين الصحي للجميع والخدمات الطبية المجانية لغير المقتدرين، ومراجعة حجم التمويل المخصص لبرامج الحماية الاجتماعية، حيث لا بديل عن زيادة حجم الإنفاق عليها، كي تتمكن من الوفاء بالتزاماتها.
وقال ابو نجمة انه لا بد من تنفيذ إصلاحات عاجلة لمشاكل الفقر وعدم المساواة، وتحسين القدرات المؤسسية للجهات المعنية بذلك، بعد الإعلان عن مؤشرات الفقر الحقيقية بالتفصيل، وتفعيل الحوار الاجتماعي بين الحكومات والعمال وأصحاب العمل للوصول إلى تفاهمات مرضية للجميع تتضمن حلولا للتحديات التي تواجه سوق العمل تتسم بالفعالية والإنصاف، ومعالجة الضعف الكبير في شروط العمل اللائق الذي ظهر جليا في عدد من قطاعات العمل، وضعف العمال وافتقادهم للممكنات اللازمة لمواجهة الأزمات والحفاظ على حقوقهم، وإعادة بناء منظومة التشريعات والممارسات ذات العلاقة بسوق العمل لتكون أكثر أمانا وعدلا واستدامة، وأكثر فاعلية في التصدي للأزمات والتخفيف من آثارها، وجمع وتحليل البيانات والمعلومات المتعلقة بالقطاع غير المنظم للاستفادة من نتائجها في التعرف على تدفقات العمالة والتغيرات الهيكلية في سوق العمل وتقدير مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وقياس مدى تأثيره في معدلات الفقر والبطالة والإنتاجية.
وطالب بدراسة مشروع أداة قانونية بشأن «الحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع غير المنظم»، على أن تشتمل برامج (التأمين الصحي وإصابات العمل والإعاقة، والبطالة، والراتب التقاعدي، ورعاية الأطفال وإجازة الأمومة)، على أن يتم تخصيص صندوق خاص بهذه الفئة يكون مصدر إيراداته من (نسبة اشتراك رمزية للعاملين، (1%) من صافي أرباح الشركات في الاقتصاد المنظم، (1%) من الضرائب، مصادر أخرى)، وإقامة هيئات داعمة للعمل للحساب الخاص والأنشطة المدرة للدخل، من خلال الاشراف على إنشاء مجموعات من المنتجين لإقامة مشاريع صغيرة أو متوسطة خاصة، والتنسيق مع الجهات الرسمية لتخفيض الرسوم على الواردات والضرائب لهذه المجموعات، وتقديم التسهيلات الإئتمانية وتوفير التدريب والاستشارات لهم.