رانيا الصرايرة
عمان – أثار قرار وزارة العمل تحميل العامل تبعات إصابته بفيروس بخصم أيام تغيبه من رصيد إجازاته المرضية والسنوية، ومن أجوره في حال استنفاده هذا الرصيد، استهجان نشطاء عماليين اعتبروا أن قرار تعطيل المصابين بالوباء هو قرار حكومي بالدرجة الأولى ولا ذنب للعمال فيه.
وفيما لم يصدر أي أمر دفاع أو بلاغ يتعامل مع كيفية احتساب الأيام التي يقضيها العامل محتجزا في بيته، نتيجة إصابته بمرض “كورونا”، لجأت وزارة العمل الى إصدار توضيح يستند الى قانون العمل يقضي بخصم أيام تعطيل العامل المصاب من إجازته المرضية، وفي حال لم تكن لديه إجازات مرضية تخصم من الإجازات السنوية، كما تخصم من أجرته في حال استنفاده لكل إجازاته السنوية والمرضية، بحسب مدير مديرية التفتيش المركزي في الوزارة هيثم النجداوي.
وقال النجداوي لـ”الغد” إن الوزارة تستند في تفسيرها لهذا الأمر الى قانون العمل، مبينا أن العامل يستطيع التقدم بشكوى في حال لجأ صاحب العمل الى خصم أيام تغيبه مباشرة من أجره، لافتا إلى أن الوزارة وصلتها العام الماضي العديد من الشكاوى بهذا الخصوص وتعاملت بها عبر توجيه صاحب العمل إلى الإجراء الصحيح، وتحذيره من المخالفة في حال لم يلتزم بذلك.
ومن جهته، أكد مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة أن اعتبار تغيب العامل نتيجة إصابته بفيروس كورونا إجازة مرضية “غير منطقي ولا ينسجم مع طبيعة الإجازة المرضية التي تعد حقا للعامل وليس واجبا عليه”، وهي ترتبط حكما بمشاكل صحية وأعراض يعاني منها العامل تمنعه من العمل، ويستفيد منها العامل بطلب يقدمه لصاحب العمل يثبت فيه من خلال تقارير طبية أن حالته الصحية لا تسمح له بالعمل، وأنه بحاجة للراحة حماية لصحته من أي مضاعفات أو للعلاج.
وقال أبو نجمة إن توقيف العامل عن العمل بسبب الإصابة بفيروس كورونا تم فرضه بموجب أوامر الدفاع لغايات حماية الآخرين من الفيروس الذي يحمله ولمنع انتشار العدوى، وليس بناء على طلب يقدمه العامل، ومن دون اشتراط أن يكون العامل مصابا بأعراض أو مشاكل صحية أو بحاجة للراحة أو العلاج أو دخول المستشفى كما يشترط قانون العمل، خاصة وأن الإصابة بالمتحورات الجديدة في كثير من الأحيان لا تسبب أي أعراض أو أن أعراضها خفيفة لا تستدعي دخول مستشفى أو حتى الراحة.
وأضاف: “وعليه فإن إلزام العامل بالتغيب دون معاناته من أعراض مرضية لا يستوي والهدف والغاية من الإجازة المرضية التي نص عليها قانون العمل في المادة 65 منه، إلا إذا كان العامل نفسه يعاني من أعراض تمنعه من أداء العمل والتواجد في مكان العمل، وبالتالي فلا يجوز أن تخصم من رصيد إجازاته المرضية ولا من رصيد إجازاته السنوية، وكان الأجدى أن تعالج أوامر الدفاع هذا الأمر دون تحميل العامل ولا صاحب العمل كلفة هذا التغيب”.
وزاد أن ذلك يأتي على اعتبار أن منع العامل من الدوام يستهدف مصلحة عامة وحماية البلد من انتشار الوباء وليس لمصلحة خاصة للعامل أو لصاحب العمل، كما فعلت دول عديدة، ومنها مثلا من اعتبرت فترة التغيب هذه تعطلا مؤقتا يتم دفع أجره من تأمين البطالة.
أما الخبيرة في القضايا العمالية المحامية هالة عاهد، فترى أن ما أعلنت عنه وزارة العمل هو تأكيد وشرح للبند الخاص في الإجازات المرضية في قانون العمل، لكنها تساءلت: “لماذا تدخلت الحكومة في علاقات العمل خلال جائحة كورونا عبر أوامر دفاع وبلاغات ولم تخصص بلاغا يتعلق بالإجازات، خاصة وأن موضوع الإجازات يثير إشكالا لدى العامل وصاحب العمل؟”.
وبينت أن صاحب العمل قد لا يعتبرها إجازة مرضية ويخصمها من أجر العامل، وفي المقابل يكون العامل مجبرا بموجب أوامر الدفاع أن يمتنع عن الدوام حتى لو لم يكن لديه أعراض مرضية.
وأضافت أن الإشكالية الأساسية تتعلق بأنه في العديد من الحالات لا يوجد لدى العامل رصيد إجازات مرضية أو سنوية، ومع تأخر نتائج إصدار الفحوصات يحجم العديد من العمال عن التصريح بإصابتهم خوفا من الخصم من أجورهم.
وقالت: “كان الأجدى بالحكومة إصدار بلاغ خاص يتعلق بموضوع الإجازات بسبب كورونا، وألا يتم التعامل معه على أنه إجازة مرضية عادية”.