فيما أقر مجلس الوزراء، الأحد الماضي، الأسباب الموجِبة لمشروع نظام السَّلامة والصِّحة المهنيَّة والوقاية من الأخطار المهنيَّة في المؤسَّسات لسنة 2022، أكد خبراء ضرورة إيجاد وثيقة وطنية تحدد التشريعات الخاصة بالسلامة والصحة والوطنية، وتطالب بتحديثها وربطها ببعضها وإيجاد خطة تنفيذية تضمن تعزيز وتحسين شروط السلامة والصحة والمهنية.
وكان بيان صدر عن رئاسة الوزراء أقرت فيه الأسباب الموجِبة لمشروع النظام، لتحديد الإجراءات والاحتياطات والتَّدابير لحماية العاملين من الأخطار المهنيَّة، والحدِّ من حوادث العمل وإصاباته، ومن الأمراض المهنيَّة، وبما ينسجم مع المعايير العربيَّة والدَّوليَّة الخاصَّة بالسَّلامة والصحَّة المهنيَّة، في حين لم يكشف عن مسودة هذا النظام بعد.
وفي هذا الصدد، أكد مدير بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة أن أنظمة السلامة وتعليماتها وضعت منذ العام 1997 لكنها لم تراجع ولم تعدل منذ ذلك الوقت.
وقال أبو نجمة إن ذلك “غير جائز، خاصة في ظل تغيرات كثيرة حصلت على سوق العمل وعلى طبيعة الأخطار التي
يتعرض لها العمال ومواقع العمل، وفي ظل التقدم العلمي الكبير الذي حصل عالميا في هذا الموضوع، وتقنيات الحماية والوقاية التي تطورت كثيرا عما كانت عليه” لافتا الى وجود 12 نظاما وتعليمات خاصة بالسلامة والصحة المهنية لم يتم تحديثها.
وأكد ضرورة أن تكون هناك أنظمة خاصة في السلامة والصحة المهنية لكل قطاع عمل، نظرا للفروقات الكبيرة في متطلباتها بين قطاع وآخر، وهو ما لم تأخذ به الحكومة لغاية الآن، مبينا أن شروط السلامة والصحة المهنية في المكاتب تختلف عن الإنشاءات، وكذلك في الصناعات.
أما مدير الإعلام في مؤسسة الضمان الاجتماعي علي الختالين فبين أن أرقام الضمان تشير الى أن حوادث وإصابات العمل التي يجري الإبلاغ عنها تتراوح سنوياً ما بين 14 إلى 15 ألف إصابة، بمعدل واحدة كل 40 دقيقة تقريباً.
كما تقع وفاة ناشئة عن إصابة عمل كل يومين، في حين بلغت خلال سنة 2021 حوالي 16 ألف إصابة عمل.
وكشف الختالين عن اعتماد المؤسسة مؤخرا خدمة طلب المعالجة الفورية لحادث العمل كإشعار للمؤسسة بالتبليغ عن الإصابة، دون حاجة ضابط ارتباط المنشأة للدخول إلى الخدمات الإلكترونية في حساب المنشأة وتعبئة إشعار إصابة العمل، كون التبليغ الفوري يحتوي على كافة البيانات المطلوبة عن المؤمن عليه المصاب لهذه الغاية.
بدوره، شدد خبير الصحة والسلامة المهنية فراس شطناوي على ضرورة تحديث تشريعات الصحة والسلامة المهنية لتتماشى مع المعايير الدولية، والتصديق على صكوك منظمة العمل الدولية حول الصحة والسلامة المهنية، مؤكدا أن التشريعات هي الحافز الرئيسي لأنماط التطبيق.
ولذلك “من الضروري تعديل وتحديث القوانين والأنظمة المرتبطة بالصحة والسلامة المهنية في الاردن من أجل احترام المعايير الدولية المطلوبة لضمان صحة العمال وسلامتهم”.
ورأى شطناوي وجوب تطبيق التشريعات عبر تعزيز خدمات التفتيش من دون تساهل، من خلال اتخاذ تدابير أكثر صرامة، من أجل تطبيق القوانين القائمة وتوجيه الاتهامات في حال وجود مخالفات للصحة والسلامة المهنية، وفق خطورة الانتهاكات، وإعطاء المفتشين صلاحيات أكبر وتسهيلات مناسبة للوصول إلى أماكن العمل المتنوعة، وتطبيق أنظمة الصحة والسلامة المهنية.
كما طالب بتخصيص موارد ملائمة لتحقيق الأهداف المحددة، مذكرا بأهمية تغطية العمال في كل القطاعات الاقتصادية في قوانين وأنظمة الصحة والسلامة المهنية من دون استثناءات.
من جهته يؤكد أبو نجمة انه “فيما يخص التشريعات، وبالرغم من أن قانون العمل أفرد فصلا خاصا لموضوع السلامة والصحة المهنية وصدر بموجبه عدد من الأنظمة والتعليمات، خاصة فيما يتعلق بالاحتياطات اللازمة لحماية المؤسسة والعاملين فيها من أخطار العمل ووسائل الحماية الشخصية ووقاية العاملين وغير ذلك، إلا أن التشريع الأردني ما زال بحاجة إلى نصوص أكثر شمولية وتفصيلا من النواحي الفنية”.
وأشار إلى أن النواحي الفنية تتضمن توجيهات متخصصة للوقاية من الأخطار على مستوى كل قطاع، وبصورة خاصة في القطاعات الأكثر تعرضا لحوادث العمل، وهي الزراعة والإنشاءات والصناعات التحويلية.
ويؤكد ابو نجمة أهمية وجود استراتيجية وطنية للسلامة والصحة المهنية لتطوير الأداء، وللحد بأكبر قدر ممكن من حوادث وإصابات العمل.
وذلك لضمان التنسيق الكامل بين كافة الجهات المعنية بحيث تتحمل كل منها مسؤوليات القيام بالمهام والواجبات المطلوبة منها، عملا بالمعايير الدولية بهذا الخصوص والممارسات الفضلى التي أولت موضوع التخطيط الاستراتيجي والبرامج والخطط الوطنية المرتبطة بها أولوية كبرى.
وقال إن هناك 4 % من الناتج المحلي الإجمالي يضيع نتيجة تكاليف الإصابات والإعاقات والوفيات الناجمة عنها والعلاجات والتعويضات والتغيب عن العمل.
وأضاف أنه “في ظل تعدد الجهات المعنية بالسلامة والصحة المهنية، وتنوع القطاعات الاقتصادية التي تتطلب معالجات خاصة لكل منها، وسياسات وبرامج متخصصة تراعي طبيعة بيئة العمل فيها والأجهزة والآليات المستخدمة وأشكال الأخطار التي قد يتعرض لها العاملون، ما زالت جهودنا غير موحدة.
وما زالت الشراكة مع القطاع الخاص في أدنى مستوياتها، فغياب التنسيق بين الجهات المعنية يظهر جليا من خلال عدم وجود آليات واضحة للرصد وللتحقيق في حوادث وإصابات العمل”.