انتقد خبراء في مجال الضمان الاجتماعي والسياسات التأمينية تعديلا على قانون الضمان الاجتماعي يتعلق بتغيير طريقة احتساب الراتب التقاعدي لمن تقل اشتراكاته عن 120 اشتراكا مع بداية العام 2023، والذي سيتم على أساس متوسط أجره عن كامل فترات اشتراكه، مؤكدين أنه “في حال اقرار هذا التعديل سيتم خفض الرواتب التقاعدية لهذه الفئات إلى أكثر من 40 %”.
وكانت مؤسسة الضمان الاجتماعي أعلنت أنه من ضمن التعديلات التي تم إجراؤها على قانون الضمان الاجتماعي استحداث مادة جديدة تنص: “على الرغم مما ورد في المواد 62 و64 و66 و67 من هذا القانون يحسب راتب تقاعد الشيخوخة وراتب التقاعد المبكر والوفاة وراتب الوفاة الطبيعية وراتب العجز الطبيعي للمؤمن عليه الذي تقل اشتراكاته مع بداية 2023 عن 120 اشتراكا على أساس متوسط أجره عن كامل فترات اشتراكه المشمولة بأحكام القانون.
وعند احتساب متوسط الأجر تتم زيادة الأجر السنوي المشمول وفقا لمعدل التضخم عن السنوات اللاحقة لتحققه”.
ووفقا للقانون الحالي يتم احتساب راتب تقاعد الشيخوخة بحيث لا تتجاوز الزيادة في متوسط الاجر الذي يحسب به الراتب على أساسه على 60 % من أجر المؤمن عليه في بداية الثمانية والاربعين اشتراكا الاخيرة، أي أن طريقة احتساب الاجر حاليا هي باحتساب متوسط الراتب لآخر ثلاث سنوات لتقاعد الشيخوخه وآخر خمس سنوات للتقاعد المبكر.
وقالت المؤسسة في بيان صحفي صادر عن مركزها الإعلامي إن آلية احتساب متوسط الأجر المعتمد لاحتساب الراتب التقاعدي وفق مشروع القانون المعدل هي لمن تقل اشتراکاته بحلول 1/1/ 2023 عن (120) اشتراكاً.
وبينت المؤسسة أن متوسط الأجر الذي سيتم على أساسه احتساب الراتب التقاعدي سيكون مبنياً على كافة أجور المؤمن عليه المشمولة بالضمان الاجتماعي، مع تعديل الأجور السنوية بواقع معدلات التضخم المسجلة في السنوات اللاحقة لتحقق الأجر، فالأجور السابقة التي تدخل في احتساب المتوسط سيتم تعديلها على نحو يعكس قوتها الشرائية عند التقاعد، وذلك استنادا لمعدلات التضخم في كل سنة من السنوات اللاحقة لشمولها.
ولغايات توضيح آلية الاحتساب، طرحت المؤسسة مثالاً افترضت فيه أن الأجر السنوي للمشترك في العام (2023) هو (500) دينار، ومتوسط معدل التضخم السنوي في السنوات اللاحقة (3 %)، فإذا قرر المشترك التقاعد بعد (15) سنة، ففي هذه الحالة لن يتم اعتماد الأجر الذي كان يتقاضاه في العام (2023) كما هو في المتوسط، وإنما سيتم زيادته بواقع معدل التضخم في السنوات اللاحقة، أي سيصبح (756) دينارا بدلاً من (500) دينار.
أمين عام وزارة تطوير القطاع العام، مدير إدارة التخطيط الإستراتيجي في مؤسسة الضمان سابقا عبدالله القضاة رأى ان هذا التعديل هو “الأكثر خطورة، كونه يعني تخفيض الرواتب التقاعدية المستقبلية بنسبة لا تقل عن (40 %)، وهذا ظلم بحق الأجيال القادمة وتخفيض لقيمة الراتب التقاعدي، وقد يكون مدعاة للتهرب التأميني”.
واقترح القضاة أن يعدل احتساب الراتب التقاعدي وفقا لمتوسط الأجور في آخر (60- 100) اشتراك الأخيرة، معتبرا أن هذا “أكثر عدالة للمؤمن عليه وللمؤسسة، ويجسد التكافلية المنشودة”.
وبين مدير بيت العمال حمادة ابو نجمة أن طريقة حساب الراتب التقاعدي على أساس كامل خدمة العامل “لن تكون عادلة أبدا” وستتسبب بانخفاض كبير على مقدار الراتب التقاعدي بعد سنوات طويلة من الخدمة، خاصة في ظل التوجه إلى رفع سن تقاعد الشيخوخة إلى 62 للذكور و59 للإناث، وذلك نتيجة انخفاض معدلات الأجور في السنوات الأولى من خدمة العاملين إلى أقل من خط الفقر في معظم الحالات.
ولفت ابو نجمة ان الهدف من هذا التعديل هو تخفيف كلف رواتب التقاعد “وهو هدف يتناقض مع الغاية من وجود الضمان الاجتماعي المكرس لضمان حياة كريمة للمتقاعد، فهو سيتسبب في انخفاض الرواتب التقاعدية إلى ما يقرب من خط الفقر في كثير من الحالات، وحتما سيكون أقل بكثير من متوسط الرواتب التي اعتاد عليها العامل وأسرته في السنوات الأخيرة من خدمته والتي تحدد على أساسها حاجته وحاجة أسرته ومتطلباتها، وبذلك سيعاني المتقاعد من التدني المفاجئ على دخله بمجرد وصوله سن التقاعد، في وقت لن يستطيع الحصول على أي إمكانيات لتحسين دخله من أي أبواب أخرى بسبب سنه.”
أما الخبير في ادارة المخاطر خالد ابو الرب فيرى ان هذا التعديل “يشكل سخطا على شريحة كبيرة من المشتركين، وفيه إضرار بقيمة رواتبهم التقاعدية المستقبلية مقارنة بالارتفاع المستمر لنسب التضخم”
وأضاف أبو الرب: “أيضًا، الدراسات التي أعلن عنها الضمان الاجتماعي خصوصًا فيما يتعلق بالنمو المتوقع في السنوات المقبلة لا توحي بضرورة ملحّة لهكذا تعديل يمس هذه الفئة على هذا النحو، وكان من الممكن لو دعت الضرورة زيادة سنوات المتوسط بدًلا من اعتماد كامل فترات الاشتراك”.
وأكد أن لهذا التعديل “بالغ الأثر السلبي في إضعاف الإقبال على الاشتراك الاختياري على سبيل المثال، والذي نهدف جميعًا الى تعزيزه بدلًا من تنفيره، بل وقد يصل الحال إلى انسحاب وتوقّف جزء كبير من مشتركين حاليين بالضمان الاختياري بسبب هذه التعديلات، فهم الآن أمام تعديلات تمس من ستبلغ مدة اشتراكه في الضمان في نهاية العام أكثر من تسع سنوات، لكنّه لم يصل لسنة اشتراكه العاشرة”.
ولفت إلى أن هذه التعديلات “جاءت مخالفة للأساس الذي اشترك على أساسه البعض، ومن شأنها أن تجعل من هؤلاء المشتركين وسيلة دعاية سلبية عن الضمان الاختياري أمام المشتركين المحتملين فيه، وهذا له انعكاس سلبي على خطط تعزيز وزيادة أعداد مشتركي الضمان الاختياري”.
بدوره، قال عضو جمعية متقاعدي الضمان الاجتماعي الدكتور عصام عبيدات على صفحات التواصل الاجتماعي: “بالنسبة لمعدل الراتب الذي يدخل في احتساب الراتب التقاعدي ينبغي أن يكون لأعلى 36 شهرا على مدار خدمة الموظف، لأن معظم الموظفين تزداد رواتبهم حسب خدمتهم، وهؤلاء حسب التعديل الجديد يبخسهم الضمان حقهم، وهناك نسبة من الموظفين لا بأس فيها قد تصل إلى 50 % في القطاع الخاص تنخفض رواتبهم نتيجة لظروف مختلفة، منهم من يغير عمله مجبرا، ومنهم من يفرض عليه صاحب العمل إذا أراد أن يستمر خفض راتبه، وهذا ما حصل مع الغالبية في أزمة كورونا”.