رانيا الصرايرة
عمان-انتقد تقرير متخصص ما اعتبره “انفراد الحكومة بوضع اقتراحات تعديل قانون الضمان الاجتماعي، وغياب أو تغييب صوت العمال وأصحاب العمل والمجتمع المدني”.
وأضاف التقرير الصادر عن بيت العمال للدراسات “ان هناك تكرار في التعديلات خلال فترات قصيرة دون استطلاع آثار التعديلات السابقة وفي غياب رؤية واضحة حول الهدف والغاية من إجرائها، ودون تشاور وحوار وطني شامل، ودون استناد إلى دراسات متخصصة ومعلنة”.
وكانت مؤسسة الضمان الاجتماعي اعلنت في تصريحات صحفية ان التعديلات ستشمل إلغاء التقاعد المبكر لمن تقل اشتراكاته في 1/1/ 2025 عن 36 اشتراكا، وكذلك فإن أي منشأة قامت بتشغيل متقاعد مبكر دون إشعار المؤسسة سيترتب عليها غرامة مقدارها 70 % من الرواتب التقاعدية التي تقاضاها المتقاعد خلال عمله لديها”.
وستسمح التعديلات لمنشآت القطاع الخاص بشمول العاملين الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاماً بتأمين الشيخوخة بشكل جزئي، مما يترتب عليه تخفيض نسبة الاشتراكات وتكون بنسبة 13.5 % من الأجور الخاضعة للضمان بدلاً من 21.75 %، وذلك كإجراءات من المؤسسة للحد من البطالة والمساهمة في موضوع التشغيل، مشيراً إلى أن التعديل يطبق على جميع المنشآت وعلى كافة المشتركين ذكوراً وإناثاً.
كما سيربط رواتب التقاعد المبكر بزيادة التضخم السنوية، بحيث تكون مرتبطة بشكل عكسي بالأجور حيث تمنح الزيادة السنوية كاملة للرواتب التي تقل عن 300 دينار وبنسبة 75 % للرواتب التي تزيد عن 300 دينار وحتى 500 دينار و50 % للرواتب التي تزيد على 500 وحتى ألف دينار، أما الرواتب المبكرة التي تزيد على ألف دينار تربط بالتضخم عند إكمال سن الشيخوخة.
ومقترح مشروع تعديل القانون تضمن تخصيص راتب تقاعد الوفاة الطبيعية لورثة المؤمن عليه المستحقين، على الرغم من وفاته خارج الخدمة المشمولة بالضمان، وذلك بشرط أن يكون له اشتراكات سابقة بالضمان الاجتماعي لمدة لا تقل عن (96) اشتراكاً فعلياً بدلاً من (120) اشتراكاً كما في القانون الحالي ولم يمضِ على انقطاعه عن الضمان أكثر من (60) شهراً عند حدوث الوفاة، كما سيسمح مقترح تعديل القانون لأبناء قطاع غزة وأبناء الأردنيات حق الاشتراك الاختياري بالضمان حيث لا يسمح القانون الحالي بشمولهم اختيارياً بالضمان الاجتماعي.
ويدعو مدير بيت العمال حمادة ابو نجمة الى ضرورة الإعتماد على الدراسات الإكتوارية ووضع نتائجها على طاولة الحوار قبل طرح أي فكرة لتعديل القانون ومن خلال التشاور والحوار الوطني يتم الإتفاق على إطار وطني للتعامل مع نتائج الدراسات “وقد يكون من ذلك إجراء تعديلات على القانون أو تطوير أدوات إجرائية وتحسين أداء إدارة التأمينات أو استثمارات أموالها أو غير ذلك، فالقانون يوجب أن يتم إجراء الدراسات الإكتوارية كل 3 سنوات على الأقل، وآخر دراسة أعلن عن بعض نتائجها كانت عام 2013 ولم تنشر لغاية الآن، ومنذ سنوات والحكومة تعلن عن دراسات دون أن تنشر تفاصيلها”.
ودعا الى اعتماد استراتيجية وخطة عمل وطنيتين خاصتين بالضمان الاجتماعي، وأن تراعي مختلف الصعوبات التي تعترض تحقيق أهداف الضمان الإجتماعي، وأن تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان، وأن تضع أهدافاً أو مقاصد يراد بلوغها وإطاراً زمنياً لتحقيق ذلك، وأن تستند إلى مبدأ المساءلة والشفافية، وتعتمد التشاور والحوار بين كافة الأطراف ذات العلاقة على قاعدة من المساواة.
التقرير، تحدث عن مرتكزات تطوير قانون الضمان الاجتماعي، مبيناً انه يجب الأخذ بعين الإعتبار أن الضمان الاجتماعي، من خلال طابعه المتمثل في إعادة التوزيع، يضطلع بدور هام في الحدّ من الفقر وتخفيف آثاره، ومنع الإقصاء الاجتماعي وتعزيز الادماج الاجتماعي، على قاعدة أن الضمان الاجتماعي هو “حق أساسي من حقوق الإنسان ووسيلة جوهرية لإيجاد التلاحم الاجتماعي”.
ووفق التقرير فان “الضمان الإجتماعي هو جزء من منظومة الحمايات الاجتماعية وله دور اجتماعي وليس فقط تأميني، ويجب الأخذ بعين الإعتبار أولوية جانب الحماية الواجب أن يوفرها للمواطن، وأن تكون فكرة استدامة أموال الضمان في خدمة دور الحماية وليس على حسابه، وأن يعامل كمصلحة اجتماعية وليس كمجرد أداة من أدوات السياسة العامة الاقتصادية أو المالية”.
ويرى التقرير، “ان مشكلة الضمان ليست في التقاعد المبكر، إنما في إدارة أموال الضمان ومنظومة تأميناته، ومن ذلك استخدام أموال الضمان في غير أهدافه (أوامر الدفاع معظمها دعم وقروض من صندوق التعطل، دعم كبار السن والفقراء من صندوق الأمومة، الإنفاق على الصحة والتعليم من صندوق التعطل، برنامج استدامة من صندوق إصابات العمل)، وكذلك ارتفاع كلف الاشتراك، الأمر الذي يؤدي إلى التهرب من الشمول، وأيضا إلى إرهاق القطاع الخاص وإضعاف قدرته على الإنتاج وزيادة فرص العمل.
ومن مشاكل الضمان بحسب التقرير الاقتراض الحكومي من أموال الضمان، حتى باتت ديون المؤسسة على الحكومة تتجاوز 6 مليارات دينار (8.46 مليارات دولار) من أصل 11.4 مليار دينار (15.9 مليار دولار) وبنسبة قاربت على 60 % من المدخرات مما يعطل استثمار هذه الأموال.
ويقترح التقرير توسعة الشمول والحد من التهرب، لافتا ان عددا كبيرا من العمال ما زالوا غير مشمولين بالضمان، مثل عمال الزراعة ومختلف العاملين بالمياومة أو لحسابهم الخاص، كما أنه ما زالت نسبة شمول العمال الوافدين منخفضة جدا ولا تزيد على 16 %.
واكد التقرير على ضرورة معالجة مشكلة التهرب من الشمول والذي تقدر الإيرادات المفقودة بسببه بمبلغ 100 مليون دينار على الأقل سنويا، وأن تتخذ إجراءات فعالة بالتعاون مع الجهات الرسمية الأخرى لشمول الأشخاص الذي يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، وإزالة العقبات التي تحول دون شمولهم مع ضمان حد أدنى من التغطية ضد المخاطر والحالات الطارئة وتوسيعها تدريجياً مع مرور الوقت.
وشدد على اهمية تخفيض نسبة الاقتطاع واصفة اياه بأنه ضرورة حتمية لزيادة أعداد المشمولين ولتخفيف الكلف على الشركات والعاملين والحد من التهرب من الشمول، “وباستطاعة المؤسسة تخفيض الاقتطاع من 21.75 % ليصبح بحدود 12 %، وكذلك معالجة مشكلة ارتفاع كلف الاشتراك الاختياري، كل ذلك دون المساس بالمنافع التأمينية، ويجب أن تكون التكاليف والرسوم المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بتقديم الاشتراكات ميسورة التكلفة وألا تمس بإعمال الحقوق الأخرى، بما تراعي متطلبات تخفيض الإشتراكات، التي تعد مرتفعة وتثقل كاهل كل من العمال وأصحاب العمل، وتتسبب في إعاقة تقدم المنشآت وتوسعها في استحداث الوظائف، وفي إنشاء الأعمال الجديدة، والحد من تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي، وعدم مراعاتها للفئات الضعيفة من العاملين وما تشترطه المعايير الدولية من عدم إرهاقها”.
واوصى التقرير بوقف التوسع غير المنطقي لقوائم المهن الخطرة التي وصلت إلى 100 مهنة وتفرع لمهنة معظمها لا تتوفر فيها الشروط التي يتطلبها القانون، وهو أمر أدى إلى زيادة أعداد المتقاعدين مبكرا في هذه القطاعات في سن 45 سنة فأكثر بشكل كبير، وكثير منهم أحيلوا على التقاعد المبكر دون إرادتهم، وبالتالي خسروا الجزء الأكبر من دخلهم ليتقاضوا 40 % منه فقط، ومن الممكن استبدال تقاعدهم مبكرا بتحويلهم إلى أعمال ليست خطرة.
كما جاء في التقرير، “يجب التوقف عن استخدام أموال صناديق التأمينات في غير أهدافها (خاصة صندوق التعطل وصندوق الأمومة وصندوق إصابات العمل) ومن ذلك ما سمحت به أوامر الدفاع لدعم المؤسسات وتقديم القروض لها، ونقل هذه المهمة إلى الجهات ذات العلاقة بهذا الشأن، فليس من مهام الضمان الاجتماعي أداء هذه المهام”.