رانيا الصرايرة
عمان – أكد خبراء في مجال سياسات العمل أن ضعف الإقبال على التدريب المهني سببه أن نظام المعلومات لسوق العمل لا يخدم العملية التدريبية، كما ان البرامج التدريبية لا تراعي احتياجات سوق العمل، ناهيك عن نقص التمويل للبرامج التدريبية وضعف التنسيق مع القطاع الخاص.
وجددوا تأكيدهم على ضرورة تطوير وتعزيز منظومة التدريب المهني في الاردن لتمكينها من القيام بدورها الاساسي، المتمثل برفد سوق العمل بمهارات مهنية من خلال توفير فرص التدريب المهني لإعداد القوى العاملة الفنية ورفع كفاءتها في مختلف تخصصات ومستويات التدريب المهني غير الاكاديمي، وكذلك تأهيل وتهيئة الشباب لإنشاء مشاريعهم الخاصة.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني أكد خلال اجتماعه أول من أمس بعدد من المسؤولين لمتابعة خطط الحكومة للتشغيل، على ضرورة استمرارية تطوير بيئة التدريب المهني والتعليم التقني، وتزويد الشباب بالمهارات المطلوبة لتلبية متطلبات سوق العمل، داعيا جلالته إلى تغيير الثقافة المرتبطة بالوظائف المهنية، ولافتا إلى أن الإقبال على التعليم التقني والتدريب المهني ما يزال دون الطموح.
وفي هذا الصدد، قال مدير بيت العمال للدراسات حمادة ابو نجمة إن عوامل ضعف منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني تكمن في جانبي الكم والنوع، فمن حيث الكم فإن ما يقرب من ثلث خريجي التعليم الأساسي يتم توجيههم إلى المسارات المهنية في المدارس الثانوية.
أما من يتوجهون إلى مسار التدريب المهني في مؤسسة التدريب المهني فلا يزيدون على (6 %) وهو مسار مغلق لا يتيح للمتدرب التقدم في توجهاته المستقبلية إلى التعلم المهني والتقني في مستويات أخرى غير المستويات المهنية (اختصاصي، فني أو تقني، مهني، ماهر، محدد المهارات)، وهو أمر يؤدي إلى الإحجام عن التوجه إلى التدريب المهني.
أما من حيث النوع فيبين ابو نجمة انها تتمثل في طبيعة التخصصات ومحتوياتها ومدى مواءمتها مع طلب أصحاب العمل والخدمات، حيث تعاني منظومة التدريب المهني عددا من الاختلالات التي تحد من فعاليتها، من أهمها أن نظام معلومات سوق العمل لا يخدم العملية التدريبية ولا يعكس صورة حقيقية لواقع سوق العمل واحتياجاته، كما أن تصميم برامج التدريب وتنفيذها يتم في غياب استراتيجية وطنية مرتبطة باحتياجات أصحاب العمل.
ولإحداث تأثير إيجابي في مؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني وتطوير مخرجاته المهنية والتقنية من حيث الكم والنوع، يشدد ابو نجمة على أهمية توفير معلومات تفصيلية عن حجم ونوع المهن المطلوبة في سوق العمل، وفي المقابل تبيان حجم العرض المتوازن من مخرجات التعليم والتدريب المهني والتقني، بما يمكن مؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني من تحديث مناهج وبرامج التدريب وتحديد التخصصات وبرامج التدريب القصيرة وتقويم المخرجات.
من جهته، أوضح مدير عام مؤسسة التدريب المهني المهندس زياد عبيدات في تصريحات صحفية أنّ المؤسّسة تتطلّع إلى تحقيق شراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، مؤكدًا، أهمية هذه المؤسسات ودورها في إنشاء البرامج التدريبية، والتي تتناسب ومعايير سوق العمل الأردني واحتياجاته.
وبيّن عبيدات؛ أنّ عدد المراكز التدريبية يصل إلى 38 مركزًا على مستوى المملكة، فيما يصل عدد المشاغل التدريبية إلى 350 مشغلًا، كما أنّ عدد التخصصات المهنية لدى المؤسّسة يصل إلى 100 تخصّص، بينما يصل عدد الملتحقين في المؤسسة إلى 20 ألفا، موضحًا أن كلفة تدريب الفرد الواحد تصل إلى 750 دينارًا.
بدوره، رأى عضو مجلس ادارة غرفة تجارة عمان جمال فريز أن “سوق العمل الاردني يعاني من ضعف المستوى المهني لغالبية خريجي الجامعات والمعاهد المهنية المنتشرة في المملكة، فضلا عن غياب التنسيق بين المؤسسات الرسمية (الحكومية) خاصة المؤسسات المعنية بسوق العمل وبين مؤسسات القطاع الخاص، بموازاة ضعف مواءمة مخرجات النظام التعليمي والتدريب مع احتياجات سوق العمل الفعلية ما يؤدي الى تزايد معدلات البطالة”.
وأشار فريز الى برنامج اطلقته غرفة تجارة عمان بالتعاون مع صندوق التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني بعنوان “التأهيل من أجل التشغيل” الذي يسعى الى تحسين نوعية التأهيل والتدريب من اجل تشغيل القوى البشرية الأردنية، حيث تم تدريب وتشغيل حوالي 3239 موظفا حتى العام 2018.
وكانت ورقة سياسات أعدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية تحمل عنوان “التوسع في التعليم والتدريب المهني والتقني في الأردن، تطرقت للتحديات التي تواجه مؤسسة التدريب المهني، وعلى رأسها نقص الموارد والبنية الضعيفة.
وتبين الورقة أنه على الرغم من أن مقدمي التعليم والتدريب المهني والتقني يحصلون على بعض الموارد المالية من خلال القروض الخارجية أو الجهات المانحة أو الأنشطة المدرسية، فإن معظم الأموال هي من أموال عامة تدفعها وزارة المالية، ففي العام 2017، بلغ إجمالي الإنفاق على التعليم العام 1,043.9 مليون دينار، وتم تخصيص ما يقارب 13.2 مليون دينار أردني (1.3 في المائة) منها لمؤسسة التدريب المهني.
وتتلقى مؤسسة التدريب المهني الأموال من المانحين الدوليين مثل الوكالة الألمانية، كما يوزع صندوق التعليم والتدريب المهني والتقني الأموال لدعم برنامجه بناءً على التدريب على المهارات المطلوبة بغض النظر عن الميزانية العامة.
ويعمل الصندوق على تعزيز التعاون بين مقدمي التعليم والتدريب المهني والتقني والشركات الخاصة، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ولذلك يتم توفير ميزانية إجمالية تبلغ حوالي 20 مليون دينار أردني يخصص جزء قليل منها لمؤسسة التدريب المهني، بحسب الورقة.
وأظهر استطلاع للرأي أن 87 في المائة من أصحاب الأعمال على استعداد لتوظيف المزيد من خريجي التعليم والتدريب المهني والتقني، لأنهم يجدون أن مهارات الطلاب الأكاديميين غير كافية ونادراً ما تكون ذات صلة بالوظيفة.