رانيا الصرايرة
عمان- الغد – فيما ترجع مؤسسة الضمان الاجتماعي تراجع عدد المؤمن عليهم الذين استفادوا من بدالات التعطل لعام 2021 إلى استفادة المنشآت من برامج المؤسسة المنبثقة عن أوامر الدفاع، ما أدى إلى الحفاظ على العاملين في سوق العمل واستمرارية عمل المنشآت، يستبعد خبراء وجود رابط بين عدد المستفيدين من صندوق التعطل ومدى فعالية أوامر الدفاع في الحد من إنهاء الخدمات.
ويرى هؤلاء الخبراء ان السبب الرئيس لتراجع رقم المستفيدين من تأمين التعطل لعام 2020 هو أن الاستفادة من صندوق التعطل لا يتم بشكل تلقائي بمجرد فقدان العامل لعمله، بل هو معلق على طلب يقدمه العامل إذا رغب بذلك، وليس هناك من نص يلزمه أو يلزم صاحب العمل بالتبليغ عن إنهاء خدماته.
مؤسسة الضمان الاجتماعي قالت في بيان صدر عنها الأسبوع الماضي، أن عدد المؤمن عليهم الذين استفادوا من تأمين التعطل عن العمل خلال العام الماضي 2021 بلغ (103) آلاف مؤمن عليه بمبلغ إجمالي وصل إلى (94.5) مليون دينار، في حين وصل عددهم في العام 2020 إلى (149) ألف مؤمن عليه بمبلغ إجمالي بلغ (61) مليونا و(371) ألف دينار، بانخفاض بلغت نسبته (31 %)، عازية سبب ذلك إلى “استفادة المنشآت من برامج المؤسسة المنبثقة عن أوامر الدفاع، مما أدى إلى الحفاظ على العاملين في سوق العمل واستمرارية عمل المنشآت، أما الارتفاع بالمبالغ المصروفة فيعود إلى زيادة أشهر الصرف إلى (6) أشهر حسب أوامر الدفاع”.
وبينت المؤسسة أن تأمين التعطل عن العمل يوفر الحماية للمؤمن عليه عند خروجه من سوق العمل بصفة مؤقتة، ويشترط للاستفادة منه أن يكون للمؤمن عليه (36) اشتراكا سابقا بالضمان وقد انهيت خدماته من منشأة في القطاع الخاص بصرف النظر عن السبب، وأن لا يكون قد بلغ سن (60) سنة بالنسبة للذكر أو سن (55) سنة بالنسبة للأنثى، وأن يكون متعطلا عن العمل عند صرف البدل وعند كل شهر يستحق عنه الصرف.
وأشارت المؤسسة إلى أن إيرادات تأمين التعطل عن العمل تعتبر حسابا ادخاريا واستثماريا للمؤمن عليه حيث تُعاد له كافة مدخراته في هذا الصندوق مع عائدها الاستثماري في حال عدم اللجوء لها لصرف بدلات تعطل عن العمل أثناء شموله عند تسوية حقوقه التأمينية، كما أجاز القانون السحب من ذلك الرصيد لغايات تعليم الأبناء أو العلاج.
لكن مدير بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة يؤكد انه ليس هناك من رابط بين عدد المستفيدين من صندوق التعطل ومدى فعالية أوامر الدفاع في الحد من إنهاء الخدمات، وذلك لأن الإستفادة من صندوق التعطل لا يتم بشكل تلقائي بمجرد فقدان العامل لعمله، بل هو معلق على طلب يقدمه العامل إذا رغب بذلك، وليس هناك من نص يلزمه أو يلزم صاحب العمل بالتبليغ عن إنهاء خدماته.
وبين أبو نجمة ان تأمين التعطل المعمول به في الأردن يختلف عن تأمين البطالة الحقيقي الذي تطبقه دول أخرى والذي يوجب على كل من يفقد وظيفته أن يعلم إدارة التأمين بذلك فورا، “إضافة إلى أن راتب التعطل في نظامنا التأميني يخصم من رصيد العامل الشخصي المترصد له في صندوق التعطل الذي يساهم به باقتطاعات شهرية من راتبه ومن صاحب العمل، وليس من مجموع اشتراكات المؤمن عليهم كما في تأمين البطالة الذي يعتبر نظاما تكافليا بين مجموع المشتركين، ولذلك ففي حالة الأردن فإن العامل الذي يطلب الحصول على راتب التعطل سوف يسحب راتبه هذا من رصيده في الصندوق الذي يفترض أن يستوفيه عند تقاعده، وهذا ما يدفع العديد من العمال الذين يفقدون وظائفهم إلى تجنب طلب راتب التعطل حفاظا على رصيدهم في الصندوق”.
من جانب آخر فإن كل المؤشرات المتعلقة بالبطالة تؤكد أن زيادة غير مسبوقة قد حصلت على معدلات البطالة في عام 2020 وحده بنسبة ست نقاط كاملة، أي من 19 % عام 2019 إلى 25 %، الأمر الذي لا يستوي معه القول أن أوامر الدفاع قد خفضت نسبة المتعطلين عن العمل، بحسب ابو نجمة.
ويضيف أبو نجمة “رغم أننا لا ننكر أن حظر إنهاء الخدمات في أوامر الدفاع قد ساهم في الحفاظ على بعض الوظائف، إلا أنه لم يمنع إنهاء خدمات أعداد كبيرة من العاملين بصورة مخالفة، آلاف منهم قدموا شكاوى إلى وزارة العمل، بعضهم استفاد منها وعاد إلى عمله وكثيرون لم يستفيدوا حسب ما أفادت وزارة العمل، إضافة إلى أن من المتوقع أن يكون هناك العديد ممن فقدوا وظائفهم لم يقدموا شكاوى في محاولة للحفاظ على إمكانية العودة إلى أعمالهم في ظل وعود أصحاب العمل فيما لو زالت آثار الجائحة، وهم الفئة الغالبة”.
الباحث في التأمينات الاجتماعية محمد الزعبي يؤكد ان نظرية مؤسسة الضمان الاجتماعي فيما يخص الربط بين انخفاض عدد المستفيدين من تأمين التعطل بأوامر الدفاع وحفاظها على الوظائف “خاطئة تماما”، مبينا ان الكثير ممن فقدوا وظائفهم خلال أزمة كورونا كانوا قد سبق وان سحبوا رصيدهم من تأمين التعطل حيث ان تعديلا على قانون الضمان الاجتماعي عام 2019 سمح بالسحب من مدخرات صندوق التعطل لغايات التعليم والصحة، وهو أمر مغاير تماما لأهداف الصندوق والحكمة من وجوده، وأدى إلى سحب ما يقارب 200 مليون دينار منه حتى بداية عام 2020، وبذلك عند تعطلهم فعلا عن العمل اثناء ازمة كورونا لم يستطيعوا الاستفادة من تأمين التعطل.
الزعبي يؤكد ان “النظرة إلى أموال الضمان الاجتماعي بأنها مجرد مخزون احتياطي لمعالجة الاختلالات الاقتصادية التي قد تواجهها الدولة في أي وقت، هو ما يفسر سلسلة التعديلات القانونية والقرارات المتتالية التي تمس بالأهداف والغايات التي وجدت أنظمة الضمان الاجتماعي لتحقيقها”.
ويؤكد الزعبي ان أموال الضمان الاجتماعي هي مدخرات للعمال “ولا يجوز أن تكون عرضة للمغامرة، ويجب أن يكون التصرف فيها واستثمارها محدود بأهدافها، ولذلك أصبح الضمان بحاجة ماسة جدا إلى ايجاد مصادر مالية تغطي جزءا من هذا العجز، ومن أفضل من القطاع غير المنظم الذي يضم عددا هائلين من المشتركين المحتملين، حيث يحقق اشتراك جزء منهم انقاذا للمركز المالي للضمان في هذه المرحلة”.