لماذا هاجم تقرير مركز حماية الصحفيين البرلمان الأردني وما علاقته بتراجع الحريات؟
لماذا هاجم تقرير مركز حماية الصحفيين البرلمان الأردني وما علاقته بتراجع الحريات؟
02 Mar
02Mar
في خطوة صادمة، صنف تقرير "مركز حماية وحرية الصحفيين" حرية الإعلام في الأردن لعام 2021 كحرية مقيدة، وذلك في مؤتمر صحفي عقده أمس الاثنين، تحت عنوان "إعلام مكبل".
وأوصى التقرير بضرورة أن تتبنى الحكومة الأردنية استراتيجية وسياسات تدعم حرية التعبير والإعلام، وحث البرلمان على الالتزام بها، حيث وصف التقرير البرلمان بأنه معاد للإعلام والصحفيين.
ووجد مراقبون أن القوانين في الأردن لا تزال مقيدة لحرية الإعلام، وأن البرلمان أصدر قوانين تتعارض مع القرارات الدولية، فيما اعتبر آخرون أن التقرير يحتوي على الكثير من المغالطات وأنه غير منصف.
تكرار التصنيف
وتناول التقرير 6 مؤشرات في هذا الجانب هي: البيئة السياسية، البيئة التشريعية، حق الحصول على المعلومات، الانتهاكات والإفلات من العقاب، واستقلالية وسائل الإعلام، وهي الأقسام الخمسة الثابتة، بينما المؤشر السادس غير ثابت، يتناول قضية طارئة أو ضاغطة تبرز خلال سنة المؤشر، والتي خصصت في العام 2021 لحرية التعبير والإعلام على الإنترنت، وفقا لصحيفة "الغد" الأردنية.
حاز الأردن على 215.2 نقطة في مؤشر حرية الإعلام،من مجموع نقاط المؤشر البالغة 600، وحسب معاييره المعتمدة، فهذه النتيجة تقع ضمن تصنيف "مقيد"، وهذا التصنيف يتكرر للسنة الثانية على التوالي، إذ حاز المؤشر في عام 2020 على 227.3 نقطة، لكن اللافت، أن النقاط التي نالها في عام 2021 انخفضت عما كانت عليه في عام 2020، وتراجع مؤشر حرية الإعلام 4 بالمئة، بحسب التقرير.
وأوضح التقرير تراجع تصنيف الأردن في تقرير مرصد "سيفيكوس"، مشيرا إلى ما أسماه "تدهور الحقوق المدنية في الأردن بشكل مطرد"، موضحا أن "إغلاق نقابة المعلمين والإنترنت، والقيود المفروضة على الصحفيين والمجتمع المدني والنشطاء، أدت لخفض التصنيف".
وقال مؤسسو عضو مجلس إدارة المركز نضال منصور في كلمة له خلال حفل إطلاق التقرير، إن "البرلماني تعامل مع الإعلام كبيئة معادية، وأن ما توصل له المؤشر، يعكس واقع الحال، فالإعلام لم يعد سلطة رقابية في المجتمع، وكل يوم تضيق هوامش الحريات التي يتحرك بها، وحتى منصات التواصل التي كان يلجأ إليها هروبا من القيود، أصبحت في المرمى، والحكومة تُفكر بتشريعات وأنظمة للسيطرة عليها".
وحث التقرير الحكومة على الالتزام بتشكيل لجان تحقيق مستقلة في الانتهاكات التي تقع على وسائل الإعلام والصحفيين والصحفيات، والتوقف عن إصدار أوامر منع النشر، سواء من الحكومة أو من السلطة القضائية، لتعارضها مع معايير حرية الإعلام واستقلاليته.
النواب والقوانين
اعتبر حمادة أبو نجمة، الناشط القانوني والحقوقي الأردني، رئيس مركز بيت العمال، أن "الدستور الأردني ضمن الحريات والحقوق الخاصة بالتعبير ومختلف الحقوق ذات العلاقة بدور الصحفيين ومهامهم، إلا أن العديد من القوانين الأردنية قد اشتملت على نصوص تُشكل قيودا على حرية التعبير في الأردن، وتستخدم مصطلحات وصياغة عامة تحتمل تأويلات متعددة بما يساعد في استخدامها للحد من حرية التعبير بشكل عام، وحرية الصحفيين في العمل بحرية".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك": "من ذلك قانون العقوبات، وقانون الجرائم الإلكترونية، وقانون منع الإرهاب، وقانون منع الجرائم، وقانون الإعلام المرئي والمسموع، ثم جاء قانون الدفاع وأوامره الذي تم فرضه خلال الجائحة والذي فرض العديد من القيود على الإعلام".
ويرى أبو نجمة أن "هذه القيود بمجملها تخالف المبادئ التي تضمنها كل من العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ اللذين صادق عليهما الأردن منذ سنوات طويلة".
وتابع: "رغم أن القضاء الأردني قد استقر اجتهاده على أن المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الحكومة تعتبر جزءا لا يتجزأ من التشريع الوطني وتسمو على القوانين المحلية النافذة، أي أنها واجبة التطبيق في حال تعارض أي من القوانين المحلية مع نصوصها، إلا أن ذلك لم يساهم بشكل فعال في ضمان حرية العمل الصحفي بالشكل المطلوب، ولا تزال حالات تقييد حرية وسائل الإعلام والعاملين فيها وملاحقتهم تتكرر بصورة متصاعدة بصورة غير مسبوقة".
وحول اتهام التقربر لمجلس النواب بانتهاك حقوق الصحافة، قال: "كان للنواب دور رئيسي في الدفع باتجاه إقرار العديد من النصوص المخالفة للمعاهدات الدولية في التشريعات الوطنية، وكذلك في تشجيع الجهات الرسمية على اتخاذ إجراءات متشددة بحق الإعلام بما يقيد عمله ويحد من فعالية دوره، نتيجة الملاحقات التي زادت وتيرتها مؤخرا".
بدورها اعتبرت الدكتورة صباح الشعار، عضو مجلس النواب الأردني السابق، أن "ما جاء بتقرير مركز حماية وحرية الصحفيين والذي اتهم البرلمان الأردني بأنه معاد للصحافة غير منصف، في الوقت الذي يشهد العالم العربي تراجعا في حرية الصحافة نتيجة تغول الحكومات ورؤوس الأموال واستخدام وسائل الإعلام كأدوات في التأثير على المواطن العربي وتمرير الكثير من القرارات والمواقف على حساب حرية الصحافة".
وبحسب حديثها لـ"سبوتنيك"، فإن "قانون الحصول على المعلومات لم يتم استغلاله في ظل عدم الشفافية وجدية الحكومات في إظهار المعلومات للمتقدم".
وترى الشعار أن "الصدمة الكبرى هي أن عدد المتقدمين للحصول على المعلومة لا يتجاوز أصابع اليد خلال السنة الماضية، وهذا مؤشر على عدم استخدام القانون للحصول على المعلومة"، مؤكدة أن "هناك معلومات في التقرير الصادر غير دقيقة".
وأشارت الشعار إلى "تراجع المستوى المعيشي للوسط الإعلامي في ظل جائحة فيروس "كورونا" المستجد واعتماد القارئ على مواقع التواصل الاجتماعي وتطور التكنولوجيا في سرعة إظهار الخبر فضلا عن وجود مئات المواقع الإلكترونية التي تبث وفق معطياتها الخاصة".
والعام الماضي، تراجع الأردن بواقع مرتبة واحدة بحسب مؤشر حرية الصحافة لعام 2021، ضمن 180 دولة في العالم، وفقا لتقرير منظمة "مراسلون بلا حدود"، وحاز الأردن على المرتبة 7 عربيا بعد تونس، جزرالقمر، موريتانيا، الكويت، لبنان، وقطر.