عمان، الغد – أعاد إدراج تعديلات قانون العمل للعام 2020 على أجندة الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة، مطالبات منظمات المجتمع المدني وخبراء عماليين وحقوقيين بسحب القانون كاملا وإعادة فتح مواده جميعا للنقاش، حيث أكدوا أن هذه ان المواد المطروحة للتعديل “ليست كافية، ولن تعالج سائر الاختلالات التي يجب أن يغطيها القانون).
وقال مصدر نيابي لـ”الغد” إن تعديلات قانون العمل ستتم مناقشتها من قبل لجنة العمل النيابية مجددا عند بدء الدورة الاستثنائية في العشرين من الشهر الحالي، مبينا ان نقاشا جديدا سيفتح حولها، رغم ان لجنة العمل النيابية في الدورة السابقة كانت توافقت على غالبية التعديلات التي وضعتها الحكومة، واقتصر التعديل من جهة اللجنة النيابية على المادتين 29 التي تسمح للعامل بترك مكان العمل مع الاحتفاظ بحقوقه في حالات معينة كتعرضه لاعتداء، وعلى المادة 69 التي تمنع النساء من العمل ليلا.
أما التعديل الذي أجرته اللجنة النيابية على المادة 29 فكان بإضافة عبارة (التحرش الجنسي) بعد عبارة (الاعتداء الجنسي) الواردة في البند (6) من المادة في القانون الأصلي، وإعادة صياغة الفقرة (ب) لتصبح “ب- إذا تبين للوزير وقوع اعتداء من صاحب العمل أو من يمثله بالضرب أو بممارسة أي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي أو التحرش الجنسي على العاملين المستخدمين لديه، يعاقب صاحب العمل أو مدير المؤسسة بغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار، وذلك مع مراعاة أحكام أي تشريعات أخرى نافذة المفعول”.
في المقابل كان التعديل الذي جاء من الحكومة على المادة 29، بإضافة بند يقول: “إذا تعرض لأي شكل من أشكال التحرش الجنسي من صاحب العمل أو من يمثله في أثناء العمل أو بسببه” وكذلك بإضافة عبارة (أو التحرش الجنسي) بعد عبارة (الاعتداء الجنسي) الواردة في الفقرة (ب) منها.
كما تمت اضافة الفقرة (ج) التي تقول: “لغايات هذه المادة يقصد (بالتحرش الجنسي): أي ممارسة أو سلوك جسدي أو شفهي ذي طبيعة جنسية أو التهديدات المرتبطة به ويمس كرامة العامل ويكون مهينا له، ويؤدي إلى إلحاق الضرر الجسدي أو النفسي أو الجنسي به”.
وأما المادة 69 التي ألغتها تعديلات الحكومة، وتسمح لوزير العمل بإصدار قرار يحدد فيه القطاعات والأوقات التي يسمح للمرأة العمل فيها، فرفضت اللجنة النيابية إلغاءها وأقرت إعادة صياغة المادة (69) من القانون الأصلي لتصبح “أ.
يحظر أي تمييز على أساس الجنس بين العاملين من شأنه المساس بتكافؤ الفرص. ب- يصدر الوزير التعليمات اللازمة لحماية المرأة الحامل والمرضعة وذوي الإعاقة والأشخاص الذين يؤدون عملا ليليا لخلق بيئة عمل آمنة”.
وانحصرت التعديلات الاخرى التي اقرتها اللجنة النيابية السابقة كما جاءت من الحكومة، بالسماح لوزارة العمل بالتعاقد مع أي شخص أو جهة خارج المملكة لغايات تشغيل الأردنيين وفق تعليمات يصدرها الوزير، وكذلك السماح بترخيص شركات متخصصة في نشاط معين تستخدم عمالا أردنيين وتتعاقد مع أصحاب العمل لتزويدهم بهؤلاء العمال.
وألغت التعديلات عبارة “استخدام” والإبقاء على عبارة “الاستقدام” في مهام المكاتب التي ترخص لتشغيل عمال المنازل وغيرهم، ويقصد بذلك أن يقتصر دور المكاتب في استقدام العمال من الخارج من دون التدخل بعد الاستقدام في الانتقال من صاحب عمل إلى آخر، أو أي إجراءات أخرى.
كما زادت قيمة الغرامة المفروضة على من يمارس أعمال التوسط في تشغيل العمال داخل المملكة أو خارجها من دون ترخيص لتصبح الغرامة ما بين 3000- 5000 دينار، بدلا من 500 – 1500 دينار.
واضافت نصا يعطي وزير العمل صلاحية إصدار تعليمات تتضمن المهن التي يحظر على العمال غير الأردنيين العمل بها، والنسب المسموح باستخدامها من العمالة غير الأردنية لدى أصحاب العمل، والضمانات الواجب تقديمها لهذه الغاية، كما أعطت وزير العمل صلاحية تحديد قطاعات وأنشطة معينة لتكون مدة تصريح العامل فيها سنتين، ونصت على إصدار نظام خاص برسوم تصاريح العمل وأنواعها والغرامات التي تفرض على العمال وأصحاب العمل عن المخالفات الخاصة بالتصاريح.
كما تمت اضافة حالة ترك العامل عمله كسبب لتسفيره بقرار من وزير العمل، وزيادة المدة التي يحظر على العامل الذي يتم تسفيره من العودة إلى المملكة من 3 سنوات لتصبح 5 سنوات.
وفي هذا الصدد، أكد مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة ضرورة إجراء إصلاحات شاملة على قانون العمل، والتوقف عن الاكتفاء بتعديلات جزئية وخلال فترات زمنية قصيرة على مواده، باعتباره قانونا مهما للغاية، بما يساهم في تحقيق استقرار تشريعي في مجال علاقات العمل، خاصة وأن بعض التعديلات المقترح اجراؤها حاليا ستشمل مواد تم تعديلها قبل عام واحد.
وقال أبو نجمة: “يجب إعادة تطوير قانون العمل بشكل شمولي، بحيث يوفر الحمايات الاجتماعية الضرورية المتعارف عليها، والتعامل معها باعتبارها حدودا دنيا من الحقوق والحمايات والالتزامات للعاملين وأصحاب الأعمال، وهذه الحمايات طورتها منظومة منظمة العمل الدولية فيما يعرف بالحقوق والمبادئ الأساسية في العمل أو ما يطلق عليه معايير العمل اللائق، والتي نعتقد أنها تشكل أرضية صحية لتحقيق التوازنات في علاقات العمل بين العاملين وأصحاب الأعمال”.
وأكد ضرورة توافق مواد قانون العمل مع جملة من المبادئ التي تتمثل في توفير الحمايات الاجتماعية المنصوص عليها في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي، والقضاء على سائر أشكال التمييز في الاستخدام والمهنة، وعلى جميع أشكال العمل الجبري (القسري)، فضلا عن تطوير وتعزيز آليات الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية وحماية الحق في التنظيم النقابي”.
كما أكد أهمية احترام معايير العمل الأساسية المتعلقة بساعات العمل والإجازات الأسبوعية والرسمية والسنوية والمرضية، وشروط السلامة والصحة والمهنية، بالإضافة الى تضمين القانون أدوات فعالة لإنفاذه، من خلال قوة أصحاب المصلحة في ذلك من عمال وأصحاب عمل.
من جهته، رأى الناشط النقابي حاتم قطيش وجوب اتصاف التشريعات الناظمة لسوق العمل بالاستقرار والرسوخ، مشيرا إلى أن السبيل الأمثل للوصول الى الاستقرار التشريعي في قانون العمل، أن يكون هذا القانون ملبياً لمتطلبات سوق العمل، وأن يخلق نوعاً من التوازن بين أطراف الإنتاج الثلاثة.
وللوصول إلى حالة التوازن هذه وإنتاج قانون عصري متوازن وناضج، أكد قطيش ضرورة أن تكون أي تعديلات مقترحة على القانون هي نتاج حوار اجتماعي حقيقي بين هذه الاطراف.
وأوضح: “وهذا ما لا يحدث على أرض الواقع، فغالباً ما تنفرد الحكومة باقتراح التعديلات التي قد تخدم توجهاتها في مرحلة معينة، ويبقى التعديل والتحسين على هذه المقترحات رهين صراع القوى بين ما تريده الحكومة وما يحاول فرضه رأس المال، وما يقبل به ممثلو العمال، في ظل غياب التمثيل الحقيقي للعمال، وتخلي النقابات العمالية عن دروها في الدفاع عن العمال، وتغييب القيادات النقابية للحوار الاجتماعي داخل التكوينات النقابية نفسها”.
كما أشار إلى “تهميش دور العمال في المشاركة بوضع تعديلات على انظمتهم واختيار ممثليهم؛ وغالباً ما يكونون الحلقة الأضعف ويدفعون ثمن التعجل في تعديل القانون، وقبول ممثليهم لتعديلات تنهش من حقوقهم كل مرة”.
بدوره، طالب مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، في مذكرة سابقة الى البرلمان، بفتح كل مواد قانون العمل للنقاش، مع تأكيده ضرورة تعديل تعريف النزاع العمالي الجماعي في المادة (2) من القانون الأصلي، التي تحرم “مجموعة من العمال” من حق الاستفادة من أدوات فض نزاعات العمل الجماعية، ليقتصر ذلك على النقابات العمالية.
كما طالب بتعديل الفقرة (ح) من المادة (12) التي تعطي صلاحية تسفير العامل غير الأردني في بعض الحالات، فيما رأى أن صلاحيات عملية التسفير للمخالفين، يفترض أن تنتقل للسلطة القضائية، وليس بقرار إداري يصدره الوزير، فالقضاء هو من يحسم هذه القضايا.
وطالب كذلك بتعديل الفقرة (أ) من المادة (40)، بشأن مدة العقد الجماعي، لتصبح سنتين بدل من ثلاث، لأن في ذلك “إجحافا بحق العاملين، فثلاث سنوات مدة طويلة، يتغير فيها الكثير من ظروف العمل، إضافة الى أن في ذلك تقييدا للحق بالمفاوضة الجماعية للنقابات”.
كما دعا إلى تعديل الفقرة (ب) من المادة (44) التي تحرم “مجموعة من العمال” من إجراء مفاوضات جماعية مع أصحاب الأعمال في المؤسسات التي يعمل فيها 25 عاملا فأكثر، مرتين على الأقل سنويا، قائلا إن “استمرار العمل بها، يحرم الغالبية الكبرى من العاملين في الأردن من حق المفاوضة الجماعية، والاستفادة من أدوات فض نزاعات العمل الجماعية، لأن الغالبية الكبرى من العاملين في القطاع الخاص، غير منضوين في نقابات عمالية بسبب القيود المفروضة في الفقرة (د) من المادة (98) من القانون ذاته”.
ودعت المذكرة إلى تعديل المادة (58)، التي “تفتح المجال أمام حدوث انتهاكات عمالية كبيرة على قطاعات واسعة من العاملين، تصل الى مستوى العمل الجبري، اذ حرمت العاملين في مهن إشرافية في المؤسسات، أو ممن تتطلب أعمالهم التنقل من بدل العمل الإضافي، في حال زادت ساعات عملهم”.