معلومة تأمينية رقم (322)
منذ أمس الأول وأنا أقرأ وأستمع وأتحقق وأتابع قصة المعلّمة رُبى بما في ذلك البيان المرتجف وغير المتماسك الذي صدر عن إدارة مدرستها..!
وقد كشَفت وفاتُها رحمها الله صوراً مما تعرّضت له من ظلم ومن انتهاك لحقوقها.. ومثلها الكثيرات من معلمات المدارس الخاصة.. ولا نستطيع أن نعمم بالطبع، لأن هناك مدارس ملتزمة تماماً بحقوق العاملين فيها من معلمات وغيرهن.
رُبى ذات أل (34) عاماً والأم لخمسة أطفال سقطت مغشياً عليها في غرفة الصف وهي حامل في شهرها الثامن، ولم تقم المدرسة بإسعافها أو حتى بطلب نجدة الدفاع المدني لها فور سقوطها، واكتفت بإخبار زوجها الذي جاء الى المدرسة وقام بنقلها بسيارته الى المستشفى لكنها دخلت في غيبوبة لثلاثة أيام إلى أن فارقت الحياة..!
فيما بعد تبيّن أن صاحب المدرسة لم يقم بشمولها بالضمان، علماً بأنها تعمل لديه منذ عامين دراسيين كما رشح من معلومات وأنه يعطيها أجراً أقل من الحد الأدنى للأجور وأنه يُشغّلها كمرافقة جولات لحافلات نقل الطلبة إضافة إلى عملها الأصلي في التدريس...!
بعد وفاتها بادر صاحب المدرسة بمراجعة الضمان لشمولها، وكما علمت قام الضمان بواجبه ومسؤوليته بإشراكها بالضمان عن فترة السنة وعشرة شهور السابقة وهذا حقها وإن لم يكن هذا الحق مكتملاً..
رُبى تعمل في مهنة التدريس منذ عام 2018 والتحقت في ثلاث مدارس لم تقم جميعها مع الأسف بشمولها بالضمان.. ويبدو أن مالك هذه المدارس هو ذاته كما علمت، وقد غابت عنه أعين الضمان..!
ما الحلول والمعالجات للتعامل مع مثل هذه الحادثة المؤلمة والمرشّحة لِأن تتكرر..؟!
١) لا بد أولاً من إقرار حقها بالحد الأدنى من الأجور المعتمدة في المملكة وأن تُحسَب لها فروقات ذلك بأثر رجعي، وهنا دور ومسؤولية وزارة العمل في إلزام صاحب العمل بذلك، وعلى أجهزة التفتيش في الوزارة أن تتحرك دون أن تنتظر تقديم شكوى من ذويها.
٢) ضرورة أن تقوم مؤسسة الضمان بالتفتيش والتحقق الكامل من كل فترات عملها السابقة وشمولها بأحكام قانون الضمان الاجتماعي لدى كافة المدارس التي عملت فيها، وهي بالمناسبة تعود لمالك واحد كما علمت، وتحميل صاحب هذه المدارس الكلف المترتبة على ذلك، علماً بأنه في حال توفّر لها (24) اشتراكاً بالضمان من ضمنها (6) اشتراكات متصلة، واعتُبِرت وفاتها طبيعية فإنها تستحق أن يخصص لها الضمان راتب تقاعد الوفاة الطبيعية.
٣) ضرورة أن يقوم مفتشو السلامة والصحة المهنية لدى الضمان بالتحقق من حادثة وفاة رُبى وكشف أي خيوط لها تربط ما بين الوفاة والعمل. فإذا تبيّن مثلاً أن حادثة سقوطها مغشياً عليها كانت بسبب ضغوط العمل، فأنا أرى أن الوفاة يجب تكييفها كوفاة ناشئة عن إصابة عمل، الأمر الذي تستحق معه تخصيص راتب تقاعد الوفاة الناشئة عن الإصابة، وفي هذه الحالة لا يشترط أن يتوفر لها عدد معين من الاشتراكات، بل تستحق راتب تقاعد الوفاة الناشئة عن اصابة العمل حتى لو كان اليوم الأول لالتحاقها بعملها في المدرسة، وهو أعلى راتب مستحَق.
٤) ضرورة مراجعة الاتفاقية المبرمة بين نقابة اصحاب المدارس الخاصة ونقابة العاملين في المدارس الخاصة بمباركة وزارة التربية ووزارة العمل ومؤسسة الضمان، ومراجعة بنود العقد الموحد للعاملين في قطاع التعليم الخاص، لأنها لا تزال اتفاقية قاصرة وعقدها ناقص، ويتم التجاوز عليها كثيراً ولم تحمِ العاملين والعاملات في هذه المدارس بصورة جيدة.
٥) محاسبة المسؤولين في المدرسة التي سقطت فيها رُبَى إذا ثبت تقصيرهم في التعامل مع حادثة سقوطها وعدم مبادرتهم لإسعافها وطلب نجدة الدفاع المدني فور سقوطها، ما أدّى إلى التأخر في علاجها وتفاقم حالتها ومن ثم وفاتها بعد أيام.
٦) محاسبة صاحب المدرسة أو مديرتها على تحميل المُعلّمة رُبَى فوق طاقتها ولا سيما إذا ثبت إرغامها أو تكليفها بمرافقة جولات حافلات الطلاب وهم يعلمون أنها حامل في أشهرها الأخيرة، ما أدى إلى إنهاكها، إضافة إلى وقوفها لفترات طويلة أثناء التدريس في غرفة الصف..!
حادثة رُبَى يرحمها الله مؤلمة بالفعل.. ونرجو أن تكون بمثابة ناقوس خطر لما يحدث من انتهاكات في العديد من المدارس الخاصة، وعلى الجهات المعنية كلها أن تستيقظ من سباتها وتعمل ضمن منهجية محكمة على ضبط هذه الانتهاكات والتعامل مع متسببيها بحزم لا بأسلوب الفزعة والطبطبة، فالتصريحات الرسمية التي صدرت حول الموضوع كانت مُخجلة..!