معلومة تأمينية رقم (353)
تقود مؤسسة الضمان الاجتماعي حالياً حملة تقسيط وتسويق واسعة النطاق بين متقاعديها، لغاية تبدو جميلة زاهية هي مساعدة متقاعدي الضمان على تلبية احتياجاتهم من كبريات المتاجر والشركات والأسواق بشكل عام وبأسلوب سهل وآلية تقسيط جاذبة ومُريحة، فقد توسّع برنامج "تقسيط" ليشمل شراء المواد الاستهلاكية المختلفة من سلع غذائية وكمالية وألبسة وأحذية وتذاكر طيران ومشتقات نفطية وغيرها، وكلها عبارة عن استهلاكات حياتية سرعان ما ينتهي مفعولها..!
الخطورة في الموضوع أن برنامج "تقسيط" يشجّع ثقافة الاستهلاك بصورة خطيرة وغير مسبوقة، فلم يعتد المواطن على شراء احتياجاته الاستهلاكية بالتقسيط بدون تحمّل نسبة فائدة على ذلك، وعندما تطلق مؤسسة الضمان مثل هذا البرنامج لتقسيط مشتريات المتقاعد دون إضافة أي فائدة على مبلغ الشراء، فإن هذا يشكّل أكبر حافز للإقبال على الشراء الاستهلاكي سواء لسلع ضرورية أو غير ضرورية، ويرسّخ ثقافة استهلاكية لها مخاطرها وآثارها السلبية على المتقاعد وأسرته أولاً ثم على المجتمع..!
أتساءل؛ ماذا ستتحمّل رواتب متقاعدي الضمان من أقساط هنا وهناك، وهل من الخير للمتقاعد وأسرته أن يتبخّر راتبه على أقساط شهرية هنا وهناك ولأشهر طويلة، ألا يشجع ذلك على الإقبال على شراء سلع ليست ذات أولوية، ثم ماذا بعد أن يتم إغراق المتقاعد بالأقساط الشهرية التي قد لا يتحملها راتبه الهزيل، في الوقت الذي تقل رواتب (47%) من متقاعدي الضمان عن (300) دينار..؟!
لقد دعوت غير مرة إلى تشجيع المتقاعد على تطوير مشروعات استثمارية خاصة به تُدرّ عليه دخلاً، وكان هذا هو المطلوب والأساس عندما أطلقت المؤسسة سنة 2016 برنامج سلف المتقاعدين، لكن البرنامج مع الأسف انحرف عن غاياته، وأصبحت السلف للاستهلاك فقط، وليس للاستثمار وإدرار الدخل على المتقاعد وأسرته..!
أرجو أن نسمع من الاقتصاديين والاجتماعيين والماليين عن جدوى إغراق المتقاعد بالديون والأقساط الشهرية؛ هل يصب هذا في مصلحة المتقاعد، لا سيما وأن برنامج "تقسيط" امتد ليشمل معظم السلع الاستهلاكية.. فهل تشجيع ثقافة الاستهلاك في أوساط متقاعدي الضمان الذين لا يزيد متوسط رواتبهم التقاعدية على (470) ديناراً أمر إيجابي ومفيد بالمجمل أم يحمل في طياته الكثير من المخاطر والآثار السلبية..؟!
لو كان موضوع المشتريات وتقسيطها ضمن أسس وحدود معينة من أسواق تمتلكها مؤسسة الضمان لكان الأمر عادياً وإيجابياً، كفكرة المؤسستين الاستهلاكيتين العسكرية والمدنية مثلاً، أما أن يتسع البرنامج لمتاجر وشركات عديدة تُغري المتقاعد بالشراء عبر أقساط بدون فائدة، فذلك أمر قد لا يكون محموداً أبداً، بل ربما كانت آثاره ونتائجه ضارّة بالمتقاعد ضرراً بالغاً، فالإنسان عادة ما يرغب بالإكثار من الاستهلاك والمشتريات إذا كانت مؤجّلة الدفع، وقد يُغرق المتقاعد نفسه بالأقساط دون أن يدري ولا يصحو على ذلك إلا خلال أشهر السداد الثقيلة المملة الطويلة.. والخشية أن يتحول برنامج "تقسيط" إلى برنامج استهلاكي بحت يُغرق المتقاعدين بالديون والأقساط، فانتبهوا يا أولي الألباب..!