معلومة تأمينية قانونية رقم (194)
أثيرت في الإعلام أمس قضية شمول المدير التنفيذي لمهرجان جرش بأحكام قانون الضمان، وهو الذي تم التعاقد على شراء خدماته للعمل كمدير للمهرجان بموجب اتفاقية شراء خدمات ما بينه وبين اللجنة العليا لمهرجان جرش للثقافة والفنون، كما أثير جدل حول الراتب أو الأجر الذي تم شموله عليه..!
وأود هنا أن أتناول الموضوع من ناحية التكييف القانوني لشموله بالضمان والأجر الذي يُفتَرَض شموله على أساسه، وأبين في البداية بأن قانون الضمان الاجتماعي ونظام الشمول الصادر بموجبه أوضحا شروط شمول العامل/الموظف بأحكام القانون وملخصها على النحو التالي:
1 – العمل لدى منشأة، وتعني كلمة منشأة أي وزارة أو دائرة حكومية أو هيئة أو مؤسسة رسمية أو عامة، أو أي شركة أو مؤسسة أو جمعية..الخ.
2- أن يكون قد أتم سن السادسة عشرة من عمره.
3- أن لا يكون قد أكمل سن الستين للذكر، وسن الخامسة والخمسين للأنثى ما لم يكن له اشتراكات سابقة بالضمان لم يقم بسحبها.
4- أن يكون العمل الذي يؤديه مقابل أجر.
5- أن يؤدي عمله تحت إشراف وتوجيه وإدارة المنشأة التي يعمل لديها.
6- أن تكون علاقة العامل بالمنشأة علاقة منتظمة، وهي تكون منتظمة على النحو التالي:
• إذا كان العامل يعمل بنظام المياومة، فلا بد أن يعمل (16) يوماً فأكثر في الشهر الواحد حتى يتم شموله بالضمان، فإذا عمل لمدة أقل من ستة عشر يوماً فتعتبر علاقته بصاحب العمل غير منتظمة ولا يتم شموله بأحكام قانون الضمان.
• إذا كان العامل يعمل بنظام الساعة أو القطعة أو النقلة، فيتم شموله بالضمان إذا عمل (16) يوماً فأكثر في الشهر الواحد بغض النظر عن عدد الساعات أو القطع أو النقلات التي قام أو أنجزها في اليوم الواحد، فإذا عمل في شهر ما لمدة أقل من 16 يوماً فلا يتم شموله بالضمان عن ذلك الشهر لانتفاء صفة الانتظام في علاقته مع صاحب العمل.
• أما العامل الذي يتقاضى أجراً شهرياً، فيتم شموله بالضمان بصرف النظر عن عدد أيام العمل في الشهر الواحد باستثناء الشهر الأول لالتحاقه بالعمل فيشترط أن يكون قد عمل فيه لمدة لا تقل عن (16) يوماً. أما في الشهر الثاني وما يليه من أشهر فيتم شموله بالضمان حتى لو عمل ليوم واحد في الشهر.
وفي حال تحقُّق الشروط السابقة يكون الشمول بالضمان إلزامياً بصرف النظر عن طبيعة العمل الذي يؤديه العامل/الموظف أو مدته أو طريقة وأسلوب استخدامه "تعيينه" وسواء أكان بالتعاقد أو التكليف او التعيين، أو بأي صورة. ومهما كانت طبيعة الأجر الذي يتقاضاه أو مسمّاه أو طريقة قبضه أو آلية احتسابه، سواء تقاضاه بناءً على العلاقة الوظيفية أو التعاقدية أو التكليف، أو لأي سبب تم صرف الأجر فيه مقابل العمل.
وبالنظر إلى اتفاقية شراء خدمات مدير مهرجان جرش الحالي الموقعة بينه وبين اللجنة العليا لمهرجان جرش للثقافة والفنون ممثلة برئيسها/وزير الثقافة، والتي تحمل الرقم (ش م/25/8803) والمؤرخة في 30/9/2021 نجد الآتي:
أولاً: أن الاتفاقية هي اتفاقية شراء خدمات أي أن اللجنة اشترت خدمات هذا الشخص للعمل كمدير لمهرجان جرش.
ثانياً: إن مدة الاتفاقية "مدة شراء الخدمات" هي سنة كاملة تبدأ من تاريخ 27/9/2021 .
ثالثا: هناك شرط على مدير المهرجان الذي تم شراء خدماته ليعمل في هذا الوظيفة بأن يلتزم بخطة العمل التي تضعها اللجنة العليا للمهرجان، وبأن يرفع تقارير بإنجازاته.
رابعاً: هناك التزام على مدير المهرجان وتحمّل للمسؤولية أمام اللجنة العليا للمهرجان، فهو مسؤول عن تنفيذ كافة البرامج والخطط والتوجيهات الصادرة له من اللجنة، كما أن عليه الالتزام بتنفيذ المهام الموكلة إليه بموجب خطة العمل.
رابعاً: هناك نص واضح على بدل شراء الخدمات الذي تلتزم اللجنة العليا بدفعه لهذا الشخص وقدره (2500) دينار شهرياً، مع النص بأنه يُضاف إلى هذا المبلغ أي مكافآت أو بدلات أو مياومات سفر تنص عليها الأنظمة النافذة.
في ضوء ما سبق نجد أن اتفاقية شراء الخدمات المشار إليها تنطبق عليه العلاقة التعاقدية ما بين عامل وصاحب عمل، وعلى النحو التالي:
أولاً: يمثل شخص مدير المهرجان المتعاقَد على شراء خدماته صفة العامل/الموظف، وتمثل اللجنة العليا لمهرجان جرش التي تعاقدت على شراء خدمات هذا الشخص صفة صاحب العمل.
ثانياً: إن العمل المكلف به مدير المهرجان هو عمل مرتبط ومشروط بالخطط التي تضعها اللجنة العليا، وهي التي تشرف على عمله وتنفيذه للبرامج الموضوعة من قبلها، وأنه يتلقى توجيهاتها في هذا الشأن، مما يؤكد العلاقة التنظيمية التعاقدية بينهما كعامل وكصاحب عمل وإن كانت الاتفاقية تحت مسمى اتفاقية شراء خدمات.
ثالثا: هناك أجر مقابل العمل منصوص عليه في الاتفاقية وقدره (2500) دينار، ويجب الالتزام بالشمول على أساس هذا الأجر كاملاً، وحيث نصت الاتفاقية على إضافة بنود أخرى إلى هذا الأجر مثل المكافآت، فيجب أن تنطبق عليها صفة الثبات والاستمرار وأن تُصرف على أسس واضحة، فإن انطبقت عليها هذا الشروط فإنها تُضاف إلى الأجر المشار إليه ليكون هو الأجر الخاضع لاقتطاع الضمان.
رابعاً: وبالنسبة لسن الشخص المتعاقَد على شراء خدماته فهو من مواليد 1962، ما يعني أنه كان في عمر التاسعة الخمسين حين تم إبرام الاتفاقية وبدأ عمله كمدير للمهرجان، وحتى لو كان عمره ستين عاماً أو أكثر، فإن أحكام قانون الضمان تنطبق عليه إذا كان له اشتراكات سابقة بالضمان، ويلزم شموله.
في ضوء التكييف القانوني أعلاه للاتفاقية وللعلاقة التعاقدية التي نشأت بموجبها، فإن أحكام قانون الضمان الاجتماعي تنطبق على اتفاقية شراء الخدمات المشار إليها، وتكون اللجنة العليا لمهرجان جرش مُلزَمة بشمول شخص مدير المهرجان بأحكام قانون الضمان الاجتماعي. وبصفتها هي المسؤولة عن أجره كونها الجهة الدافعة للأجر، فإنها أيضاً مسؤولة عن مخاطبة مؤسسة الضمان وإبلاغها بأجره الذي ينبغي إخضاعه لاقتطاع الضمان، كما عليها إبلاغ الضمان عن ماهية أي مكافآت تدفعها له ليتم دراستها وإخضاعها للمعايير المعتمدة وفيما إذا كانت تضاف إلى الأجر الخاضع للضمان أم لا، ويبدأ شموله من تاريخ 1/10/2021، كون الاتفاقية لمدة سنة تبدأ من تاريخ 27/9/2021، حيث في هذه الحالة يتم شموله من الشهر التالي مباشرة، أي من بداية شهر تشرين الأول 2021.
أما وجه الاستغراب في الموضوع المثار إعلامياً، وهو ما أستغربه أنا أيضاً هو أن يخاطب مدير المهرجان نفسه، وهو الطرف المتعاقَد على شراء خدماته، مؤسسة الضمان لإبلاغها عن أجره، وبمبلغ (2750) ديناراً شهرياً، أي بزيادة عن الأجر المتفق عليه والوارد في اتفاقية شراء الخدمات ب "250" ديناراً دون أن يشير إلى ما تمثله هذه الزيادة في الأجر عن المنصوص عليه في الاتفاقية، وهذا هو الخطأ الأول، والخطأ الثاني أن مؤسسة الضمان قامت بشموله على أساس هذا الأجر دون أن تتثبت من موضوع الزيادة والاختلاف بين الأجر المحدد في اتفاقية شراء الخدمات والأجر الذي تم مخاطبة المؤسسة فيه. أما الخطأ الأهم فهو أن الذي يجب أن يخاطب مؤسسة الضمان لإبلاغها بأجر مدير المهرجان وتزويدها ببياناته وبيانات كل العاملين في المهرجان هو صاحب العمل أي اللجنة العليا لمهرجان جرش، بصفتها الجهة التي عيّنته وتعاقدت على شراء خدماته وهي المسؤولة والملزمة بشموله بأحكام قانون الضمان..! صحيح أنه قد تكون هناك منشأة مستقلة مسجّلة في الضمان باسم "مهرجان جرش"، لكن تبعية المهرجان عائدة للجنة العليا، وهي التي يجب أن تخاطب باسم رئيسها/وزير الثقافة الجهات المختلفة في شتى الأمور وتحت اسم منشأة مهرجان جرش، ما ينبغي معه تصويب هذا الخطأ الإداري التنظيمي.