معلومة تأمينية رقم (104)
تعويض الدفعة الواحدة أو ما يمكن أن يسمى سحب اشتراكات المؤمن عليه من الضمان لعدم استكمال شروط استحقاق الراتب التقاعدي هو استثناء من الأصل لأن الأساس في الشمول بالضمان الاجتماعي هو توفير مظلة حماية اجتماعية للمؤمن عليه وأفراد أسرته، ولا يتسنى ذلك إلا من خلال توفير أمن الدخل، أي الراتب التقاعدي الدائم الذي يوفر حماية مناسبة وحياة كريمة للمؤمن عليه وأسرته.
وبالرغم من ذلك هناك حالات ومخاطر قد تواجه المؤمن عليه، وتقطع اشتراكه في الضمان إما اضطرارياً أو اختيارياً، وسمح القانون بموجبها للمؤمن عليه أو ذويه طلب الحصول على تعويض الدفعة الواحدة لعدم استكمال شروط ومتطلبات الحصول على راتب التقاعد أو راتب الاعتلال وفقاً لأحكام القانون، وقد جاء نص المادة (70) من قانون الضمان واضحاً في تحديد نسبة التعويض من مجموع الأجور والرواتب التي كان المؤمن عليها قد اشترك بالضمان على أساسها، لكنه لم يكن منصفاً من وجهة نظري في تحديد نسب ما يتقاضاه المؤمن عليه من تعويض، وكان يجب أن يكون ذلك أكثر عدالة في هذا الجانب لتحقيق المزيد من الإنصاف سواء للمؤمن عليه أو لورثته المستحقين، وسنتناول ذلك بشيء من التفصيل بعد عرض ما نصت عليه الفقرتان (أ، ب) من المادة (70) من قانون الضمان وفيما يلي نصها:
أ) إذا انتهت خدمة المؤمن عليه بسبب الوفاة أو العجز الطبيعي خلال الخدمة أو لإكماله سن الستين للذكر وسن الخامسة والخمسين للأنثى أو تجاوزها دون استكمال شروط استحقاق راتب التقاعد أو راتب الاعتلال مهما بلغت مدة اشتراكه، فيصرف له أو للمستحقين حسب مقتضى الحال تعويض الدفعة الواحدة بنسبة (15%) من متوسط الأجر الشهري لآخر (24) اشتراكاً أو من متوسط الأجر الشهري إذا قلّ عدد اشتراكاته عن ذلك مضروباً بعدد الاشتراكات.
ب) إذا انتهت خدمة المؤمن عليه دون إكماله سن الستين للذكر وسن الخامسة والخمسين للأنثى لتوفر حالة من حالات الخروج من نطاق أحكام هذا القانون وفقاً للأنظمة الصادرة بمقتضى أحكام هذا القانون(الحالات المذكورة في المعلومة التأمينية رقم (103) فيصرف له تعويض الدفعة الواحدة وفقاً للنسب التالية عن كل سنة من سنوات الاشتراك:
1) 10 % من مجموع الأجر الخاضع للاقتطاع إذا كان عدد اشتراكاته (120) اشتراكاً فأقل.
2) 12 % من مجموع الأجر الخاضع للاقتطاع إذا زاد عدد اشتراكاته على (120) اشتراكاً وقلّ عن (216) اشتراكاً.
3) 15 % من مجموع الأجر الخاضع للاقتطاع إذا كان عدد اشتراكاته لا يقل عن (216) اشتراكاً.
ما الذي يلاحظ على نص المادة المذكورة أعلاه، نلاحظ الآتي:
أولاً: هناك حالات إلزامية أو اضطرارية لصرف تعويض الدفعة الواحدة، تتعلق بالوفاة أو العجز الطبيعي أثناء الخدمة المشمولة بأحكام قانون الضمان، والمؤمن عليه مشترك غير منقطع عن الضمان، إضافة إلى حالة إكمال السن القانونية للتقاعد أو ما يسمى بسن الشيخوخة (60 سنة للذكر، 55 سنة للأنثى) أو تجاوز هذه السن دون إكمال المدة الموجبة لاستحقاق راتب التقاعد، في هذه الحالات نجد أن المشرّع حدد التعويض بنسبة (15%) من متوسط الأجر الشهري للمؤمن عليه لآخر (24) اشتراكاً أو من متوسط الأجر الشهري لمدة اشتراكه التي تقل عن (24) اشتراكاً. وفي ذلك إنصاف وعدالة دون شك في تمكين هذه الفئة من المؤمن عليهم من الحصول على أعلى تعويض ممكن لأن الظروف التي أحاطت بانقطاع المؤمن عليه في هذه الحالات اضطرارية، وفي الحالات التي يتوفر فيها للمؤمن عليه فترات اشتراك أطول قد يحصل على تعويض يزيد عن الاشتراكات التي تم تحصيلها عنه لأن نسبة التعويض هنا تتصل بمتوسط الأجر لآخر (24) اشتراكاً، لا سيما إذا كان النمو في أجر المؤمن عليه خلال فترات اشتراكه ملحوظاً وجيداً، إذ تكون الفائدة أكبر وتكون قيمة التعويض أكبر.
ثانياً: في الفقرة (ب) من المادة، يتعلق التعويض بحالات خروج من أحكام قانون الضمان، وقد حددتها الأنظمة الصادرة بموجب القانون، وهي حالات كثيرة ومتعددة، وفي هذه الحالة يفرّق القانون بنسبة التعويض الذي يتقاضاه المؤمن عليه عند توافر أي من حالات الخروج وفقاً لمدة الاشتراك بالضمان، فتزيد النسبة كلما زادت مدة الاشتراك وتقل كلما قلّت مدة الاشتراك. كما أن نسبة التعويض محددة ومرتبطة بالأجر أثناء الاشتراك وليس بمتوسط معين خلال مدة معينة من الاشتراك كما رأينا في الفقرة (أ) من هذه المادة، ومن هنا كان على المشرع أن يساوي بين الحالات في موضوع نسبة التعويض، إذ لا مبرر على الإطلاق لتمييز ذوي مدة الاشتراك الأطول بحصولهم على نسبة أعلى من التعويض، كون المدة الأطول تستلزم الحصول على قيمة اشتراك أعلى، فلا ضرورة ولا منطق ولا مسوّغ قانوني أو اجتماعي أو اقتصادي للتمييز بين حالات الخروج من أحكام القانون التي حددتها الأنظمة بناءً على مدة الاشتراك، لأن هذا ينطوي على ظلم لذوي فترات الاشتراك القليلة والذين ربما اضطرتهم ظروفهم وأحوالهم إلى الخروج من نطاق مظلة قانون الضمان الاجتماعي، فإذا كانت قيمة التعويض تعتمد على الراتب الخاضع لاقتطاع الضمان، فيجب إذن أن تكون نسبة التعويض من هذا الراتب ومن تسلسله أثناء فترة الاشتراك موحدة لتحقيق العدالة والإنصاف أولاً بين المؤمن عليهم، ثم للإسهام بصورة أكبر في تعزيز الحماية الاجتماعية لهذه الفئة دون تمييز.